أعظم الحقوق التي تربط بين المسلمين

بقلم محمد الدكروري

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن الأخوة في الإسلام، وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” لاتظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرا، وأنت تجد لها في الخير محملا” ولقد دخل على الشافعي رحمه الله أحد أخوانه يعوده فقال له قوى الله ضعفك، فقال له الشافعي “لو قوى الله ضعفي لقتلني، فقال الزائر والله ما أردت إلا الخير، فقال الإمام أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير، وقال بعض السلف ليكن حظ أخيك المؤمن منك ثلاث إن لم تنفعه فلا تضره وإن لم تفرحه فلا تنغمه وإن لم تمدحه فلا تذمه.
وإن أعظم الحقوق التي تربط بين المسلمين هي الأخوة الإيمانية، التي تتجلى في حب الله تعالى، وتقتضي الإخلاص في النصح، وحرص كل أخ على منفعة أخيه، ولا يقتصر هذا النفع على الأمور الدنيوية بل يشمل أيضا الحصول علي ثمرات طلب العلم والعمل الصالح، ومنها شرف طلب العلم وشقيق الأخوة، وإن طلب العلم يورث الرفعة في الدنيا والآخرة، والأخ الصالح خير معين لأخيه في هذا السعي، فهو لا يأمر إلا بالخير، ويدله على المصادر النافعة، وكما أن من ثمرات طلب العلم والعمل الصالح هو مشاركة الخير ودعوة الأخ، فإذا رأيت أخاك مقصرا في طلب العلم، فبادر إليه بالنصح والتوجيه، وإذا رأيت له فضيلة في العلم، فاغبطه وادعوا الله له بالزيادة من فضله، فدعوة الأخ بظهر الغيب مستجابة، حيث وكل الله ملكا يقول “آمين ولك بمثل”
كما جاء في الحديث عن صحيح مسلم، وكما أن من ثمرات طلب العلم والعمل الصالح تبادل الفوائد والأثر المبارك، فإحرص أخي الكريم على مشاركة أخيك ما تعلمته من فوائد نافعة، وما إستنبطته من كنوز العلم، وكن شريكا له في البحث عن الحق، وإستخرج معه ما يفيدكما في الدين والدنيا، وكما أن من ثمرات طلب العلم والعمل الصالح الأخوة في الله كظل عرش الرحمن، وإن تحابب المؤمنين في الله يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فاجعلوا من حبكم لأخيكم دافعا للتعاون على صيد الفوائد العلمية والعملية، وكما أن من ثمرات طلب العلم والعمل الصالح الأثر المتبادل وصدق العلاقة، فالأخ الصالح يرشدك إلى ما فيه مصلحتك، ويعينك على نفسك الأمّارة بالسوء، فكن أنت أيضا لأخيك كذلك حتي يتم تحقيق الأخوة في الله تعالي، فإلى من تطلعت نفسه لحب الله تعالي.
وحب رسوله المعصوم صلى الله عليه وسلم، وإلى من أحب في الله وأبغض لله ومنع لله وأعطى لله تعالي، وإلى من علت نفسه وزكت روحه بالنقاء والطهر والصفاء، وإلى كل مؤمن حسنت صلته بالله وبعباد الله وإخوانه المسلمين، اعلموا أن من أعظم نعم الله تعالى على العبد المسلم أن يجعل صدره سليما من الشحناء والبغضاء نقيا من الغل والحسد صافيا من الغدر والخيانة معافى من الضغينة والحقد، لا يطوي في قلبه إلا المحبة والإشفاق على المسلمين، مستمدا سعادته في هذه الدنيا من أساسين مهمين وينبوعين خالصين وهما حسن الصلة بالله تعالى، وحسن الصلة بعباد الله المؤمنين الذين عقد الله بينهم رباط الأخوة الإيمانية، وهذه الرابطة هي من أوثق الروابط ومن أهم الركائز والأسس بعد الإيمان بالله هو الأخوة في الله تعالي.
ولا شك أن الإيمان بالله من الأسس المهمة التي يرتبط بها المسلم في حياته ولقد حثنا ربنا سبحانه بالتمسك بالإسلام فقال جل وعلا ” يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ” ثم إمتن بعد ذلك بهذه النعمة الجليلة وهي نعمة حسن الصلة بعباد الله فقال ” واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ” ولعظيم أثر هذه الرابطة فقد عمل الإسلام على توثيق عرى الأخوة ببيان فضلها ومقاصدها وثمراتها ووسائل تعميقها ووعد عليها أحسن الجزاء، بل إعتبرها وسيلة لكثير من المقاصد والغايات الشرعية العامة

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

أول المخلوقات وجودا

عدد المشاهدات 5371 200 بقلم محمد الدكروري الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان، علمه البيان، …