التفكير في الحلول والبدائل الممكنه
محمد البحيري
21 سبتمبر، 2025
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 105
بقلم محمد الدكروري
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن في أمور التفكير في الحلول والبدائل الممكنه، قيل إشتكى المستأجرون لصاحب العمارة بطء المصاعد في العمارة، وهددوا بالخروج ما لم يتم إستبدالها وخشي صاحب العمارة أن ينفذ المستأجرون تهديدهم فيخسر ما يدفعونه من إيجارات مرتفعة، فكاد أن يتخذ قرارا بالإستبدال، فاقترح البعض أن يخفض شيئا من الإيجار نظير بطء المصاعد، وأشار عليه البعض بتركيب مرايا في كل طابق عند كل مصعد في حين بارك الأغلبية قرار الإستبدال وشجعوه على الإسراع لئلا يخسر، فما رأيك بهذه البدائل؟ وقد يبدو لك أن بعضها غريب وساذج في آن واحد، أليس كذلك؟ وفي هذه الخطوة يجب تسجيل كافة البدائل الممكنة.
التي تخطر على بالك، حتى تلك التي قد تبدو لك معالم سذاجتها ومواطن سطحيتها ونقاط ضعفها لماذا؟ لأن هذه الخطوة تركز فقط على تسجيل كافة البدائل الممكنة، ولأنك قد تكتشف أو يكتشف غيرك ممن يشاركك التفكير أن البديل الناضج هو ذلك البديل الذي سبق إعتباره ساذجا، وتعد تقنية العاصفة الذهنية من التقنيات الجيدة والطرق الناجحة والمجربة في توليد البدائل، وكما ينبغي عليك إختيار أفضل البدائل ومتابعة تنفيذه، حيث يجب إخضاع البدائل التي تم تحديدها لدراسة علمية موضوعية يتمخض عنها تحديد البديل المناسب، من خلال تحديد البديل الذي يحقق الأهداف على أفضل وجه كمّا وكيفا، بمعنى أن هذه الخطوة تعادي نظرية أنا لا أرتاح نفسيا لهذا البديل وإضطرابها، وفي الحالة السابقة إقتنع صاحب العمارة بضرورة عرض المشكلة على مكتب إستشاري.
فقام المكتب بدراستها وأوصى بتركيب المرايا لأن الدراسة أثبتت أن المصاعد جيدة وليست بطيئة، وتوصلت إلى أن السبب في تبرم المستأجرين يعود إلى عدم وجود ما ينشغلون به أثناء انتظارهم للمصعد، ومن هنا جاءت فكرة تركيب المرايا لكي ينشغل كل واحد منهم بهندامه ريثما يأتيه الفرج، وقد أثبتت الدراسة أن بطء المصاعد ليس المشكلة الحقيقية، إذن ما هي تلك المشكلة من وجهة نظرك؟ أرجو أن تكون قد أدركت قدر المبالغ التي وفرها ذلك البديل الساذج على صاحب العمارة ترى كم من المبالغ والجهود ننفقها في بدائل فاشلة؟ وكم من الأفكار العظيمة إعتبرناها ساذجة وفيها الدواء، ويجب أن تتضمن هذه الخطوة متابعة تنفيذ البديل وذلك بإستشراف المستقبل وما ينطوي عليه من عقبات وصعوبات، تمهيدا لرسم البرنامج العملي اللازم لتجاوزها وتلافيها.
وكما أن من أنواع التفكير هو التفكير في مشروع معين، ويقصد بالمشروع أي عمل يراد القيام به لتحقيق أهداف معينة، وقد يكون هذا المشروع خاصا أو عاما وعمليا أو ذهنيا، ودنيويا أو دينيا، أو خليطا بين هذا وذاك، ولكن ما هي الخطوات التي تعتقد أنه يجب اتباعها عند التفكير في مشروع معين؟ وقيل أنه حدثني أحد أولئك الذين يفكرون علميا أنه كان جالسا في مجلس شرع أحد الحاضرين فيه في عرض مشروع خيري، وقال ما مفاده أيها الإخوة تعلمون أهمية مثل هذا المشروع للفقراء والمحاويج وعظم أجره عند الله تعالى وهذا المشروع الخيري يتلخص في جمع تبرعات من المحسنين لتوزيعها على هؤلاء الفقراء، وقبل معرفة من سيشارك منكم في أعمال المشروع أود أن أتيح الفرصة للإضافة والتعقيب، وتجاذب الحاضرون أطراف الكلام.
وتدافعوها حتى ظفر صاحبي بطرف، فشكر المقدم وإستحسن الفكرة وإستجاد المشروع، غير أنه فاجأ الجميع بأن تحدث عن أهمية تحديد الأهداف لهذا المشروع بدقة، فالأهداف قد تكون خيرية فقط، أو خيرية دعوية، أو خيرية إجتماعية، وكذلك البدائل، حيث أن من جهة الزمن يتم التوزيع مرة في السنة، أو مرتين، أو ثلاث، ومن جهة النطاق الجغرافي للمشروع يغطي المشروع حيا واحدا، واثنين، أو ثلاثة أو كافة الأحياء في المدينة، ومن جهة طريقة التوزيع هو توزيع نقدي، أو عيني، أو نقدي عيني، ومن جهة الإشراف الإداري وهكذا يتم التفكير، وكما يجب بعد تحديد البدائل والموازنة بينها، وإختيار أفضلها في ضوء الأهداف المحددة، ولم يحتج صاحبي إلى ساعات طويلة ولا إلى جهد كبير من أجل بلورة أفكاره التي إستجادها الحاضرون لماذا؟
لأنه عوّد نفسه على التفكير بطريقة علمية، إذن فالخطوات التي تتبع في حالة التفكير في مشروع معين هي ذاتها التي تتبع في حالة التفكير في مشكلة معينة بإستثناء الخطوة الأولى، وعليه تكون الخطوات هي تحديد الأهداف التي يجب أن يحققها المشروع، وتحديد البدائل الممكنة، وإختيار أفضل البدائل ومتابعة تنفيذه