الدكروري يكتب عن آداب العلاقات

بقلم  محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله إن الله عز وجل حذر عباده من أن يقدموا حب الآباء والأبناء

على حب الله ورسوله المصطفي صلي الله عليه وسلم،

وكما قال تعالي ” يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي”

وقد نزلت هذه الآية الكريمة في ثابت بن قيس بن شماس وكان في أذنه وقر،

وكان جهوري الصوت، وكان إذا كلم إنسانا جهر بصوته،

فربما كان يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتأذى بصوته،

فأنزل الله تعالى هذه الآية، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية،

قال ثابت بن قيس “أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي وأنا من أهل النار”،

فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال “هو من أهل الجنة” رواه مسلم،

وقال ابن أبي مليكة كاد الخيران أن يهلكا.

أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب من بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس، وأشار الآخر برجل آخر، فقال أبو بكر لعمر “ما أردت إلا خلافي، وقال عمر ما أردت خلافك” وارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى في ذلك ” لا ترفعوا أصواتكم ” وقال ابن الزبير فما كان عمر رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولقد جاء رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بمنهج شامل كامل للحياة يسعد من يعيش في ظلاله، وينعم بالراحة والأمان لأنه منهج رباني يخاطب الفطرة السليمة، ويوازن بين متطلباتها الروحية والجسدية، فتعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كل الأمور التي واجهته بطريقة فذة.
وبسُنة مطهرة أخرجت لنا كنوزا هائلة من فنون التعامل، ومن آداب العلاقات، فلا يخلو حقيقة أي قول أو فعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خُلق كريم، وأدب رفيع، بلغ فيه الذروة، ووصل بلا مبالغة إلى قمة الكمال البشري، حتى في المواقف التي يصعب فيها تصور الأخلاق كعامل مؤثر وذلك كأمور الحرب والسياسة، والتعامل مع الظالمين والفاسقين والمحاربين للمسلمين والمتربصين بهم، وكذلك في تواضعه، وقيادته، وإعطائه الحقوق لأصحابها، وفي حله للمشكلات، كما كان أيضا نِعم الأب والزوج والصاحب، الأمر الذي نستطيع أن نفهم منه قوله صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” وإن إصلاح ذات البين هو التأليف بين المتنافرين والتوفيق بين المختلفين، وحقن دماء المقتتلين.

وبه تسل السخيمة في القلوب، وبه تزال الخطوب والكروب، وبه تحيا النفوس بعد العطب، وتصان الحُرمات ونعم المطلب، وبه تحفظ الحقوق والثروات، وبه يجمع الشمل بعد الشتات، وبه تؤصل المؤدة، وتستدام الصلة بعد القطيعة، ويسهل سبيل التعاون على التقوى والبر، ويتحقق التواصي بالحق والصبر، والدعوة إلى الخير، فما أعظم شأنه وما أعلى مكانه وما أحسن عاقبته وما أكرم عائدته، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا” ويدل هذا الحديث على أن الذنوب إذا كانت بين العباد فسامح بعضهم بعضا سقطت المطالبة بها من قبل الله عز وجل.

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

رفح على مفترق الأمل والخطر: بين وعود إسرائيل ونفي القاهرة

500 195 بقلم علياء الهواري معبر رفح، البوابة الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي، عاد …