الدكروري يكتب عن الحكمة والخطابة في الإمام علي

 

بقلم  محمــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين، إن الخطابة لأسباب كثيرة لا مجال لحصرها، قد بلغت ذروتها على عهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذلك لسخونة الأحداث وكثرة الحروب إذ ارتقت الخطابة في عهد الإمام علي رضي الله عنه إرتقاء واضحا وصارت سلاحا قويا يلجأ إليه الخليفة وخصمه ليثيران بها الأنصار، ويحفزان النفوس إلى الغارة والحروب، ولقد خلف لنا هذا العصر قدرا كبيرا من الخطب، لم يؤثر مثله طوال عهد الخلفاء الراشدين وليس ذلك بعجيب فإن المسلمين لم يقفوا موقفا يحتاج إلى الخطابة.

كهذا الموقف الذي وقفوه أيام الإمام علي رضي الله عنه، فلم يحارب المسلمون، قبل هذه المرحلة بعضهم بعضا وإنما وحدوا سيوفهم لمحاربة الكفر والضلالة لنشر راية الإسلام، وإعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، التي تملأ قلوبهم وتمدهم بالروح المعنوية معززة الإيمان بالله والتقوى، وتحدوهم بتلك العقيدة السامية أن لهم إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة التي تعني الجنة والنعيم، وكان وازعهم في هذا أو ذاك، قلب يدفعهم وعقيدة تقودهم فما احتاجوا يوما إلى خطبة رنانة في محاربة الفرس والروم يطول فيها القول المقرون بالسجع والبلاغة وما إلى ذلك، وإنما كان الجهاد هو العامل الوحيد الذي يحفزهم، وتملأ قلوبهم الثقة بالنصر، معتقدين في ذلك أن الله سبحانه وتعالى يمدهم بروح من لدنه.

وأن المجاهد منهم تنتظره الجنة، وما يغنمه من العدو من الفيء والغنائم، أما اليوم فهم مدعوون لحرب قومٍ لا يشركون بالله، ولا ينكرون محمدا، بل هم على دينهم وعقيدتهم، ومن جنسهم وملتهم ولذلك كان الموقف الجديد في حاجة إلى خطيب يبرر حرب المسلم لأخيه المسلم، وقتل العربي بني قومه العرب، ولقد كان الإمام علي رضي الله عنه على كثرة مشاغله مع خصومه، وهو المعين للضعيف والجذوة المتقدة للخلفاء الراشدين وهو لا يبخل عليهم في مشورة أو إبداء رأي في موقف تقتضيه مصلحة المسلمين وكان الإمام علي رضي الله عنه يسير مع الخلفاء الراشدين سيرة الناصح المرشد، المخلص في نصحه وإرشاده، فهو لا يبخل عليهم بعلمه، ولا يكتم رأيه ونصحه.

وذلك لأنه على جانب كبير من العلم والمعرفة وهو الزهد والفصاحة وفي الحكمة والخطابة ثمرة منشئه الرفيعة، وبيئته العجيبة، وحياته الخصبة، وتجاربه الجليلة في الحياة، فكان حكيما تتفجر الحكمة من بيانه، وخطيبا تتدفق البلاغة على لسانه وواعظا ملأ السمع والقلب، والأمر لا يقف عند هذا الحد، وإنما يمتد إلى خصال ذاته، التي يتصف بها الإمام رضي الله عنه من منزلة رفيعة عند الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة والمسلمين وقادته، وهو على جانب كبير من التقوى والزهد والورع، ومما حدا به أن ينال خطوة كبيرة لدى الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

اعتداء مسلح لمستوطنين يستهدف منازل الفلسطينيين قرب رام الله

عدد المشاهدات 5371 129 كتبت علياء الهواري أطلق مستوطنون، النار بشكل عشوائي تجاه عدد من …