الدكروري يكتب عن ولا يذكرون الله إلا قليلا
.فرحه الباروكي
2 أبريل، 2024
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 112
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، ثم أما بعد إن من فوائد الذكر أن كثرته أمان من النفاق فقد وصف الله المنافقين بأنهم قليلو الذكر لله عز وجل فقال تعالى فى سورة النساء “إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” فمن أكثر من ذكر الله عز وجل برئ من النفاق، ولهذا ختم الله تعالى سورة المنافقين بقوله “يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون”
ومن فوائده أيضا ما يحصل للذاكر من لذة لا يشبهها شيء، فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة من الذكر والنعيم الذي يُحسّ به الذاكر في قلبه لكفى به، ولهذا سُمّيت مجالس الذكر “رياض الجنة” ومن فوائد الذكر أن الله عز وجل يقبل الدعاء الذي يقدم صاحبه بين يديه ذكر الله، إذن الذكر أفضل من الدعاء لأن الذكر ثناء على الله عز وجل، والدعاء سؤال العبد حاجته، فالدعاء الذي تقدمه الذكر أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد عن الذكر، فاتقوا الله وأديموا ذكر ربكم بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم وفي كل أحوالكم، فأما ذكركم ربكم بقلوبكم، فإن معناه أن يكون القلب متعلقا بالله مُعظما له دائما في قلبه مستحضرا نعمه التي لا تحصى، وأما ذكركم ربكم بألسنتكم فهو النطق بكل ما يقرب إلى الله من تهليل وتكبير.
وتحميد وتسبيح، وقراءة القرآن، وقراءة العلوم الشرعية، ونصح العباد للقيام بأوامر الله، وأما ذكركم ربكم بجوارحكم، فهو كل فعل يقرب إلى الله عز وجل من طهارة وصلاة وزكاة، وصوم وحج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، فلازموا ذكر ربكم في جميع أوقاتكم وأحوالكم، فإن الله مع الذاكرين، كما قال سبحانه في الحديث القدسي “أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم” فإن ذكر الله نعمة كبرى، ومنحة عظمى، به تستجلب النعم، وبمثله تستدفع النقم، وهو قوت القلوب، وقرة العيون، وسرور النفوس، وروح الحياة، وحياة الأرواح، ما أشد حاجة العباد إليه، وما أعظم ضرورتهم إليه، لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال.
ولما كان ذكر الله بهذه المنزلة الرفيعة والمكانة العالية فأجدر بالمسلم أن يتعرف على فضله وأنواعه وفوائده، فعن معاذ بن جبل قال، قال رسول الله “ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم” قالوا بلى يا رسول الله، قال” ذكر الله عز وجل” رواه أحمد، وفي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه، عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال “مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت” وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله “يقول الله تبارك وتعالى أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي،
وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة” وقد قال تعالى فى سورة الأحزاب “يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا” وقال تعا لى ” والذاكرين الله كثيرا والذاكرات” أي كثيرا ففيه الأ مر با لذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين.