كبار الضّلال في كل عصر
محمد البحيري
3 نوفمبر، 2025
الدين والدنيا
500 216
بقلم محمد الدكروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد
ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي بأن هناك دائما كبار الضّلال في كل عصر وعتاة المجرمين ورءوس الفتنة، يضلون ويضللون، ماتت ضمائرهم، وإنتكست فطرتهم، فصاروا يرون الباطل حقا، والهداية ضلالا، فإختاروا لأنفسهم ولأقوامهم طريق الضلال والغواية، وأعرضوا كل الإعراض عن كل دليل يقود إلى خير، ووجهوا جل إهتمامهم إلى حرب المصلحين والشرفاء، ومن هذا الفريق.
كان فرعون وهامان وقارون، ومنه كان أبو جهل وأبي بن خلف وأبو لهب، ومنه كان كسرى وقيصر، ومنه كان حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف من هؤلاء من تزيا بزي الملوك والسلاطين، ومنهم من تزيا بزي الأحبار والرهبان منهم من أمسك السيف وقاتل، ومنهم من أمسك القلم وطعن، ومنهم اليهودي والنصراني والمشرك والمجوسي، ومنهم الملحد الذي ينكر الألوهية أصلا، بل إن منهم المسلم ظاهرا المنافق باطنا، وما قصة عبد الله بن أبي ابن سلول عنّا بخافية، فإنه فريق خطير يحتاج المسلمون دائما إلى كشف أوراقه، وإلى فضح مخططاته ومؤامرته، وإلى تحذير العالمين من شروره وآثامه، وقد منّ الله تعالى على المسلمين بأن جعل أهل هذه الفرقة التي تحفل بقيادات الكفر من أمثال فرعون وهامان وقارون، وأبي جهل، وأبي بن خلف.
وأبي لهب وكسرى وهرقل، قلة في بحر الذين يحاربون الإسلام، ويكذبون الأنبياء والمرسلين، وإن هذا البحر حافل بنوع آخر غير هذه الفرقة، وهذا النوع الآخر الذي يمثل السواد الأعظم من المكذبين الجاحدين لرسالة الرسل، هو عموم الناس الذين لم يعرفوا الدين من مصادره الصحيحة، إنما صوّر لهم على أنه بدع منكرة، أو تقاليد بالية، أو أفكار منحرفة، فانساقوا كالقطيع وراء الأبالسة، وساروا في ركابهم إلى هاويتهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا إنهم الجهلة الذين لم يعرف العلم إلى عقولهم سبيلا، أو البسطاء الذين يفتقرون إلى شرح وتوضيح، أو حتى العقلاء الذين يحتاجون إلى دليل وبرهان، إن هذا الفريق الثاني يحتاج ببساطة إلى العلم، إنه لا يحارب الإسلام عن عداء ورغبة في الحرب، ولا يطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم بغضا له.
أو عن عقيدة وفكر وتصميم، إنهم المساكين من العوام الذين يقودهم سادتهم إلى حتوفهم كما تقاد الأنعام لا تستطيع لنفسه شيئا إنها الشعوب التي يحركها القادة كما تحرك الريح أوراق الشجر فتلقي بها في أي مكان، إنهم عموم الناس، ما أكثرهم، وراجعوا التاريخ وتدبروا صفحاته، وهذه الشعوب التي طالما قهرت على الذل والعبودية والقهر، ونشأت على أن ملوكها من سلالة الآلهة كما آمن الشعب الفارسي قرونا طوالا، وأن الدين الصحيح هو دين مزدك، وأتباعه، ثم لما وصلتهم رسالة الإسلام، وعرفوا أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين الحقيقية، وسمعوا ما نقل إليهم من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم الحكيمة، ما كان منهم إلا أن دخلوا في دين الله أفواجا طائعين مسلمي قيادهم إلى الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم.