أين الصدق الذي أمركم الله به ورسوله

بقلم محمد الدكروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن الصدق منجاة والكذب هلكة، واسمع لهذا الموفق من سلف الأمة الذي ضرب أروع الأمثلة في الصدق، فقد روى أهل السير “أن ربعي بن حراش الإمام،

القدوة، الولي، الحافظ، الحجة، فقد زعموا أنه لا يكذب، وقد قدم ولداه عاصيين للحجاج، قال فبعث إليه الحجاج، فقال ما فعل إبناك؟ قال هما في البيت والله المستعان، فقال له الحجاج بن يوسف هما لك” فالكذب وإن كان مذموما على أحوال.

فقد يحتاج إليه لتغير الحال، فالقصد منه له إعتبار، وقد ورد عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم قوله ” ليس الكذَّاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا، أو يقول خيرا، وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث، في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها” فالكذب إن كان وسيلة للخير ولم يجد منه بد، فلا بأس به،

وإن كان المعاريض أولى في هذه الحال من الكذب الصّراح، وهناك صورة يجب فيها الكذب، فعن سويد بن حنظلة قال ” خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له، فتحرّج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي فخلى سبيله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي،

قال صدقت، المسلم أخو المسلم”
وقال الإمام النووي “ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختفي، وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو” فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وكونوا مع الصادقين في عبادة الله واصدقوا الله تعالى في عبادته فاعبدوه مخلصين له غير مرائين في عبادته ولا مسمعين، وامتثلوا أمره طلبا للقرب منه والحصول على ثوابه، وإجتنبوا نهيه خوفا من البعد عنه والوقوع في عقابه ولا تبتغوا في عبادته أن يراكم الناس أو يسمعوكم فيمدحوكم عليها، فإن الله تعالي أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معه غيره تركه وشركه” واصدقوا النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في إتباعه ظاهرا وباطنا غير مقصرين في سنته ولا زائدين عليها، واصدقوا الناس في معاملتهم أخبروهم بالواقع فيما تخبرونهم به وبينوا لهم الحقيقة فيما تعاملونهم به ذلك هو الصدق الذي أمركم الله به.

ورسوله صلي الله عليه وسلم، وإن المؤمن لا يمكن أن يكذب لأن الكذب من خصال المنافقين، وإن المؤمن لا يمكن أن يكذب لأنه يؤمن بآيات الله يؤمن برسوله يؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عن الله كذابا” وقيل بينما امرأة ترضع إبنها إذ مر بها راكب فارس متكبر ذو شارة، شكل حسن وهيئة ومنظر وملبس جميل، يشار إليه فقالت اللهم اجعل ابني مثله، اللهم لا تمت ابني حتى يكون مثل هذا، أعجبها شكل الرجل، فقال الغلام وترك الثدي اللهم لا تجعلني مثله، ثم رجع في الثدي، ومر بامرأة تجرر، بأمة تضرب، فقالت اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقال اللهم اجعلني مثلها، فقالت له ذلك، أي سألته عن سبب كلامه، وقد تعجبت أشد العجب من نطق الرضيع.

قال أما الراكب فإنه كافر أو جبار، وأما المرأة فإنهم يقولون لها تزني وتقول حسبي الله، وتسرق وتقول حسبي الله، ويقولون سرقت وزنيت ولم تفعل، وهذا بهتان واتهام، ويقولون سرقت ولم تسرق، وزنيت ولم تزني وهي تقول حسبي الله، وقال الإمام النووي رحمه الله معلقا على القصة “إنما سأل ذلك لا لأن يكون متهما ولكن ليكون في براءتها ونصاعتها، لم يسأل أن يكون متهما وإنما سأل أن يكون في مثل حالها براءة ونصاعة”

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

مفتي الجمهورية: صناعة الفتوى مسؤولية جماعية ولا تحتمل الانفراد الرأي

عدد المشاهدات 5371 208 متابعه احمد القطعاني أكد فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، …