الإنترنت في البيت وسيلة لانهيار القيم أم نافذة للتقدم
اسامه عبد الخالق
28 يوليو، 2025
مقالات
500 95
بقلم / اسامة عبدالخالق
وسائل التواصل الاجتماعى اصبحت انقطاع اجتماعى وكل البيوت اصبحت فاقدة
للتواصل بين افردها
في زمن تحوّل فيه العالم إلى قرية صغيرة بفضل الإنترنت، تسللت هذه التقنية
إلى بيوتنا دون حواجز، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. ومع ما يحمله
الإنترنت من فوائد لا يمكن إنكارها، إلا أن الوجه الآخر لهذا الضيف الرقمي بدأ يكشف
عن نفسه بوضوح، وخاصة داخل البيوت، حيث ظهرت آثاره السلبية على القيم والأخلاق
والعلاقات الاجتماعية.
1. انقطاع اجتماعي تحت ستار “التواصل الاجتماعي”
لطالما وُصف الإنترنت بأنه وسيلة تواصل وتقريب بين الناس، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك
داخل الأسرة الواحدة. فكم من بيتٍ يجلس فيه الأبناء بجانب بعضهم، دون تبادل الحديث
أو حتى نظرة، منشغلين بهواتفهم، يسبحون في عوالم افتراضية ويبتعدون عن التواصل
الحقيقي؟ أصبحت شاشة الهاتف بديلاً عن نظرة الأم، وأصبحت دردشات “الواتساب”
بديلاً عن جلسات العائلة.
2. تآكل القيم وتطبيع السلوكيات الغريبة
يمثل الإنترنت بوابة مفتوحة على عادات وثقافات مختلفة، كثيرٌ منها لا يتماشى مع قيمنا
الدينية أو المجتمعية. ومن خلال مواقع التواصل والمحتوى المنتشر دون رقابة، يتعرض
الأطفال والمراهقون لأفكار مشوشة وسلوكيات مريبة، مثل تمجيد العنف، أو تقليد المؤثرين
الذين يصنعون شهرتهم بطرق تفتقد للأخلاق أو الذوق العام.
3. غياب الرقابة الأبوية وسهولة الانحراف
في السابق، كان من السهل على الأسرة متابعة تصرفات الأبناء في الواقع، أما الآن، فقد
أصبح من الصعب معرفة ما يشاهده الطفل أو من يتحدث معه في غرف الدردشة. ومع غياب
التوجيه والمتابعة، قد يقع الأبناء فريسة للابتزاز، أو يتأثرون بالأفكار المتطرفة، أو ينزلقون في
علاقات غير سليمة، وكل هذا من داخل البيت نفسه!
4. ضعف الروابط الأسرية وغياب الحميمية
أدى الإفراط في استخدام الإنترنت إلى ضعف الروابط الأسرية، فقلّ الحوار، وندرت الجلسات
العائلية، وانشغل كل فرد في عالمه الخاص. لم يعد للبيت طعمه القديم، حيث كانت
الجلسات مليئة بالدفء والحديث، بل أصبح كل فرد يعيش في “غرفة إلكترونية”
مغلقة، بعيدًا عن الآخرين.
الإنترنت ليس شرًّا في ذاته، لكنه أداة يمكن أن تُستخدم للبناء أو للهدم. والخطر الحقيقي
يكمن في تركه بدون ضوابط داخل البيت. لا بد من إعادة النظر في طريقة استخدامه،
وتفعيل الرقابة الأسرية، وتعزيز قيم الحوار واللقاء داخل الأسرة. فالعائلة هي نواة
المجتمع، وإذا انهارت قيمها بسبب الانعزال الرقمي، انهار معها مستقبل الأجيال القادمة.