الانفلات الأخلاقي.. جرس إنذار يدق في وجه المجتمع
اسامه عبد الخالق
21 أكتوبر، 2025
عاجل
عدد المشاهدات 5371 306
بقلم / أسامة عبد الخالق عبد القادر
لم يعد يمر يوم في مصر إلا وتتصدر عناوين الصحف ووسائل الإعلام أخبار عن جرائم مروعة تهز
الضمير الإنساني قبل أن تهز المجتمع. جرائم قتل بشعة، وسرقة، ونصب واحتيال،
واعتداءات بلا رحمة، كأن بعض القلوب تحجّرت وفقدت إنسانيتها، وأصبح الدم الحرام
يُراق لأتفه الأسباب، دون وازع من دين أو ضمير.
هذه الموجة من الانفلات الأخلاقي باتت ظاهرة تستدعي الوقوف عندها طويلاً.
فحين يتحول الخلاف البسيط إلى جريمة قتل، وحين يصبح النصب وسيلة للعيش،
وحين تذوب القيم الدينية والاجتماعية في لهاث وراء المال والسلطة،
فإننا أمام خطر لا يقل عن خطر الإرهاب ذاته.
ورغم هذه التحديات، فإن الشرطة المصرية لم تتوان لحظة في مواجهة هذا الانفلات.
فجهود وزارة الداخلية، بقيادة رجالها الشرفاء في كافة القطاعات، واضحة وملموسة
في ضبط عصابات السرقة والنصب، وتفكيك أخطر التشكيلات الإجرامية،
وملاحقة تجار المخدرات والسلاح في كافة أنحاء الجمهورية.
لكن الحقيقة المؤلمة أن الأمن وحده لا يكفي، لأن الأزمة الحقيقية أخلاقية وسلوكية قبل أن تكون أمنية.
لقد كانت الأسرة والمدرسة والشارع في الماضي مدارس للأخلاق والقيم،
أما اليوم فقد انشغل كثيرون بمظاهر الحياة وتركوا الفراغ يملأ عقول الشباب.
الإعلام، ومواقع التواصل، والانفتاح غير المنضبط على العالم، كلها عوامل ساهمت
في تشكيل جيل يحتاج إلى إعادة بناء الضمير.
إن مواجهة الانفلات الأخلاقي ليست مسؤولية الشرطة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة
بين الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والكنيسة، والإعلام. فالقيم لا تُزرع بالعقاب فقط،
وإنما بالتربية والقدوة والموعظة الحسنة.
لقد آن الأوان لأن نعيد بناء الإنسان المصري من الداخل، قبل أن نطالب بتشديد العقوبات.
فالقانون يردع، لكنه لا يُهذّب النفس، ولا يزرع الضمير.
ولذلك، فإن الدعوة اليوم موجهة لكل المؤسسات والمواطنين لإحياء الضمير الجمعي،
وإعادة بث روح الرحمة والتسامح التي كانت أساس مجتمعنا المصري عبر العصور.
فما أحوجنا اليوم إلى أن نستعيد الضمير المصري الأصيل،
ذلك الضمير الذي كان يردع صاحبه قبل أن يردعه القانون.