البطل احمد حسن مأمون صاحب فكرة اغلاق مواسير النابالم بماده تتجمد تحت الماء
محمد البحيري
6 أكتوبر، 2025
مقالات
عدد المشاهدات 5371 71
بقلم محمد حافظ اغا
لقد كان من ضمن التحصينات الدفاعية التي استحدمها العدو لمنع المصريين من العبور قبل أكتوبر 73 كانت أنابيب النابالم اللى أقامها الإسرائيليين على طول شاطيء قناه السويس
«النابالم» وهو مركب سريع الإشتعال بطئ الاحتراق يلتصق بالجلد وبأي سطح يلامسه حتى بعد الإشتعال ، وتصل درجة حرارته إلى أكثر من 1100 وبالاضافة لذلك فإن الدخان الناتج عن احتراق هذه المادة ينزع الأكسجين من الجو ويطلق كميات كبيرة من غاز أول أكسيد الكربون السام ، وكان قد تم تطويره من خلال مجموعة كيميائيين أمريكيين من جامعة هارفارد أثناء الحرب العالمية الثانية
■ وقد صممت إسرائيل منظومة النابالم علي هيئة صهاريج ضخمة موضوعة داخل الدشم الحصينة بداخل كل صهريج منها 200 طن من المادة الحارقة ومن تلك الخزانات بتخرج مواسير ضخمة بقطر 6 بوصة متصلة بطلمبات لدفع المادة الحارقة عبر خراطيم أخري متصلة في النهاية بشبكة مواسير معقدة ترقد تحت سطح مياة القناة
وتمتد في داخل المجري الملاحي لحوالي 20 متر ، وقد بلغ إجمالي أطوال هذه الشبكة من المواسير 3791 متراً تم نشرها علي مسافات متقاربة في جميع النقاط الصالحة للعبور على طول القناة من شمالها إلى جنوبها
.
وقد صُممت هذه المنظومة بحيث تضخ على سطح المياه وعلى إمتداد القناة مزيجاً من النابالم والزيوت سريعة الاشتعال مع كمية بنزين وزيت ديزل لتكون حاجزاً رهيباً من النيران كالجحيم يستحيل اختراقه، وعند اطلاق هذه المادة فانها تحول سطح الماء إلى حريق كبير مشتعل تندلع منه ألسنة اللهب الى إرتفاع متر وترتفع درجة الحرارة إلى 700 درجة لتحرق القوارب والدبابات البرمائية ،بل أن هذا الحريق يمكن أن يقتل الأسماك التي في قاع قناة السويس ويصل لهيبه الأشخاص الذين يبعدون عن مصدر النيران حتي مسافة 200 متر.
● حاول رجالنا في البداية محاولة إختراع مادة كيميائية تبطل اشتعال النابالم عند إطلاقه في مياه القناة ، إلا أن هذه التجارب لم تنجح
.
● ولم يعد هناك من سبيل أخر !!! لابد من وقف ضخ هذه المادة البشعة والا سوف تكون الخسائر فادحة
وهنا كان التاريخ علي موعد مع أحد رجال القوات المسلحة وهو البطل «أحمد حسن مأمون والذي كان حينها برتبة رائد مهندس
فقد توصل إلى اختراع مادة أسمنتية تتجمد في مياه القناة وأعطى تركيبتها سراً إلى قائد القوات البحرية المصرية واللى بدوره أعطاها إلى رئيس الأركان ثم إلى وزير الدفاع ومنه للرئيس السادات الذي أقرها ، وتم التكتم عليها.
.
◆ وواصلت المخابرات دورها البارز في إستغلال وتسخير كل معلومة أو خبر لخدمة الهدف الأكبر، وبدأت مصر تذيع تفاصيل متتابعة عن فتحات النابالم
التي تحول مياه القناة الى جحيم مشتعل ، مع الكثير من العبارات التي تدل على اليأس الإحباط وابتلعت المخابرات الإسرائيلية الطعم ، وأيقنت أن تنفيذ فكرة أنابيب النابالم رغم تكاليفها الباهظة قد ولّد عند المصريين إحساساً بإستحالة عبور القناة ، فإزداد شعور الإسرائيليين بالغرور
وقبل بداية العبور وفي جنح الظلام ، عبرت ثلاثة مجموعات من القوات المصرية القناة ، وكانت الخطة التي إعتمدها الجيش المصري لتدمير وتعطيل خطوط النابالم «ثلاثية المحاور» مؤلفة من ٣خطوات متوازية ومتزامنة
● المجموعة (أ) :
من القوات البحرية الخاصة «الضفادع البشرية» وتتشكل من 36 تشكيل كل واحد منها مكون من عشرة أفراد من الضفادع البشرية ، وقد تم تزويد كل ضفدع منهم بوحدة لسد فتحات النابالم تتألف من سدادة من المطاط ملتصق بها أسمنت سريع الجفاف معد خصيصاً للمياه المالحة مخلوطاً بلدائن معينة لسد فتحات النابالم والبالغ عددها 360 فتحة على طول مجرى القناة
المجموعة (ب) :
تتجه لسيناء لقطع مواسير النابالم القادمة من الطلمبات ثم تقوم بدفنها في الرمال لكيلا تظهر وهي مقطوعة
المجموعة (ج) :
تتجه إلى المضخات نفسها وتقوم بتخريبها وتعطيلها بحيث تصبح عملية إصلاحها مستحيلة.
وبالفعل نجحت المجموعة الأولى في سد فتحات الأنابيب بلدائن خاصة سريعة الجفاف ، وكذلك نجحت المجموعة الثانية في قطع خراطيم الطلمبات ، كما إستطاعت المجموعة الثالثة الوصول لبعض الطلمبات
وتخريبها، وكان الهدف من ذلك تأمين العملية بشكل مطلق، وكان من المتوقع إذا إكتشف العدو تخريب الطلمبات أن يبذل جهده لإصلاحها دون أن يخطر بباله أن هذا الإصلاح ليس إلا عبث لا طائل من ورائه بعد أن تم قطع خراطيم التوصيل وسد منافذ الإطلاق
.
ونجحت الخطة بالفعل ، وتم إفشال منظومة النابالم بأقل تكاليف في الأموال والخسائر البشرية ، ولم تفلح اسرائيل في اشعال حريق واحد طوال العبور، بل إنه تم أسر المهندس الإسرائيلى المسئول عن صيانة شبكة مواسير النابلم نفسه فى موجة العبور الأولى (مساء يوم 6 أكتوبر) عندما كان يحاول إصلاحها… وعُرف فيما بعد أن «موشي ديان» وزير الدفاع الأسرائيلي قد وبَّخ الجنرال «شموائيل جونين» قائد جبهة سيناء توبيخا شديداً بسبب فشله في تشغيل أجهزة النابالم وقال له : انك تستحق رصاصة في رأسك. !!
ولم يكن «ديان» يعرف أنه حتى لو قام الجنرال «جونين» بإصلاح أجهزته .. فجميع الفتحات المؤدية إلى القناة كانت مغلقة
إن هذه العملية كانت هي الأكثر تعقيداً والأكثر حساسية ودقة في خطة الحرب ، وكان الجميع يعلم أن فشل هذه العملية كان سيعرض الحرب كلها للفشل ليس فقط بسبب صعوبة عبور القناة تحت جحيم النابالم ،
بل لأن فشل تلك العملية واكتشافها كان سيلفت نظر اسرائيل إلى أن مصر قررت شن الهجوم الشامل،
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها
ورحمه الله الشهداء والأبطال