الترقي في سلم الأخلاق
محمد البحيري
1 ديسمبر، 2024
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 33
بقلم محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد لقد تنوعت أقوال الأئمة في تعريف حسن الخلق لكنها تصب كلها في مصب واحد فقد ذكر الإمام ابن رجب رحمه الله أقوال بعض الأئمة في تعريفه فقال في كتابه جامع العلوم والحكم عن الحسن البصري رحمه الله قال حسن الخلق الكرم والبذل والإحتمال، وعن ابن المبارك قال هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى، وقال الإمام أحمد إن حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحتد وأن تحتمل ما يكون من الناس، فكل هذه التعريفات كما أسلفنا تصب في مصب التعامل الحسن مع الناس والصبر على ما قد يكون منهم.
وقال ابن القيم رحمه الله وجماعه، أي أن حسن الخلق أمران وهو بذل المعروف قولا وفعلا، وكف الأذى قولا وفعلا، وهو إنما يقوم على أركان خمسة العلم والجود والصبر وطيب العود وصحة الإسلام، وقد يمن الله تعالى على بعض عباده بأن تكون أخلاقهم حسنة ومعاملاتهم طيبة من أصل طبعهم وجبلتهم كما جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبدالقيس رضي الله عنه “إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة” وفي رواية أنه قال يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما ؟ قال بل الله جبلك عليهما قال الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد جُبل على حسن الأخلاق حتى عرف بالصادق الأمين.
وقد إستعرضت السيدة خديجة رضي الله عنها شيئا من أخلاقه عندما جاءها وقد إشتد عليه الوحي فقالت كما في صحيح البخاري وغيره “كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتغيث الملهوف وتعين على نوائب الحق” ولكن ليس معنى هذا أن الإنسان لا قدرة له على تحسين أخلاقه أو الترقي في سلم الأخلاق إلى الأفضل والأحسن، فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار لما قدموا إليه يسألونه المال “ماعندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يتصبر يصبّره الله ومن يستغن يغنه الله” وهذه الأمور إنما هي أخلاق وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من حاول أن يحصلها فسيعينه الله على تحصيلها.
وقال الشاعر هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سُقيت بماء المكرمات، وقال الآخر يا أيها المتحلي غير شيمته ومن سجيته الإكثار والملق، عليك بالقصد فيما أنت فاعله إن التخلق يأتي بعده الخلق، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين وأحسن عاقبتهم في الأمور كلها، اللهم فرج همومهم، ونفس كروبهم، ويسر لهم أمورهم يا رب العالمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء والأموات، ربنا لا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم اجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم أعذنا جميعا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أصلح أئمتنا ووفقهم إلى الخيرات، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، اللهم اجعله رحمة على رعيته، اللهم دله على الخيرات، وانصر به دينك يا رب العالمين