الدعوة إلى الإقتصاد والإعتدال
محمد البحيري
29 أكتوبر، 2025
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 72
بقلم محمد الدكروري
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر أما بعد ذكرت المصادر الكثير عن البيئة ومقصد حفظ النسل، وإن المقصود بهذا المقصد هو حفظ حياة البشر، وبقاء النوع الإنساني في هذه الأرض، كما أراده الله تعالى، فالنسل هو الذرية والأجيال التي ستولد في المستقبل، وقد عملت الشريعة على ذلك من خلال عدة أمور، منها أنها شرعت الزواج الذي يعد الإبقاء على النوع الإنساني في أحد أهم أغراضه وأهدافه، وكذلك عدم إستنزاف الموارد الطبيعية، لأنها حق للأجيال المتعاقبة بالدعوة إلى الاقتصاد والإعتدال.
وأيضا حماية البيئة من كل مظاهر التلوث، محافظة على التوازن البيئي الذي يضر بالحياة الإنسانية والحيوانية، وكذلك تحريم الدعوة إلى تحديد النسل على مستوى الأمة لأن ذلك يعطل مقصد الشريعة في الإبقاء على النوع الإنساني، وكما دعت إلى العناية بالنشء عناية صحية ونفسية، وقد أشار ابن عاشور إلى هذا المقصد فقال ” وأما حفظ الأنساب، ويعبر عنه بحفظ النسل، فقد أطلقه العلماء، ولم يبينوا المقصود منه، ونحن نفصل القول فيه وذلك بأنه، إن أريد به حفظ الأنساب، أي النسل من التعطيل، فظاهر عده من الضروري لأن النسل هو خلفة أفراد النوع، فلو تعطل يؤول تعطيله إلى إضمحلال النوع وإنتقاصه، كما قال لوط لقومه ” وتقطعون السبيل ” على أحد التفسيرين، فبهذا المعنى لا شبهة في عده من الكليات لأنه يعادل حفظ النفوس فيجب أن تحفظ ذكور الأمة.
من الاختصاء مثلا، ومن ترك مباشرة النساء بإطراد العزوبة، ونحو ذلك، وأن تحفظ إناث الأمة من قطع أعضاء الأرحام التي بها الولادة، ومن تفشي إفساد الحمل في وقت العلوق، وقطع الثدي، فإنه يكثر الموتان في الأطفال بعسر الإرضاع الصناعي على كثير من النساء، وتعذره في البوادي، وأما إن أريد بحفظ النسب حفظ انتساب النسل إلى أصله، وهو الذي لأجله شرعت قواعد الأنكحة، وحرم الزنى، وفرض له الحد، فقد يقال ” إن عده من الضروريات غير واضح” إذ ليس بالأمة ضرورة إلى معرفة زيد بن عمرو، وإنما ضرورتها في وجود أفراد النوع وإنتظام أمرهم، ولكن في هذه الحالة مضرة عظيمة، وهي أن الشك في إنتساب النسل إلى أصله يزيل من الأصل الميل الجبلي الباعث عن الدفاع عنه، والقيام عليه بما فيه بقاؤه وصلاحه، وكمال جسده وعقله.
بالتربية والإنفاق على الأطفال، إلى أن يبلغوا مبلغ الإستغناء عن العناية، وهي مضرة لا تبلغ مبلغ الضرورة لأن في قيام الأمهات بالأطفال كفاية ما لتحصيل المقصود من النسل، وهو يزيل من الفرع الإحساس بالمبرة والصلة والمعاونة والحفظ عند العجز، فيكون حفظ النسب بهذا المعنى بالنظر إلى تفكيك جوانبه من قبيل الحاجي، ولكنه لما كانت لفوات حفظه من مجموع هذه الجوانب عواقب كثيرة سيئة، يضطرب لها أمر نظام الأمة، وتنخرم بها دعامة العائلة، عد علماؤنا حفظ النسب في الضروري لما ورد في الشريعة من التغليظ في حد الزنى، وما ورد عن بعض العلماء من التغليظ في نكاح السر، والنكاح بدون ولي، وبدون إشهاد، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وأجارني وإياكم من خزيه وعذابه الأليم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.