الدعوة بين الرفق والحلم والحكمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم أما بعد يقول الله عز وجل في كتابه العزيز ” فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ” فسبحان الله العظيم، السميع العليم اللطيف الخبير، فهل الله سبحانه وتعالي لا يعلم أن فرعون سيموت على الكفر ؟ حاشا وكلا وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فهو الذي يعلم الخبأ في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون ويعلم غيب السموات والأرض ويعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون،إذن لماذا أمر الله سبحانه وتعالي نبيه موسى وهارون عليهما السلام أن يقولا قولا لينا هادئا رحيما لفرعون مع أنه يعلم أن فرعون لن يستفيد من هذا اللين ولن يسلم ؟ وهو من أجل أن يعلمنا الله عز وجل الرفق والحلم والحكمة.

أثناء دعوة الناس إلى الدين، فسبحانه القائل ” “ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” ويقول الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم كما عند البخاري ومسلم ” ما كان الرفق في شئ إلا زانه وما نزع من شئ إلا شانه ” ويقول صلي الله عليه وسلم كما في مسند أحمد ” إذا أراد الله بأهل بيت خيرا، أدخل عليهم الرفق ” وعند البخاري من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قال صلي الله عليه وسلم “إن الله يحب الرفق في الأمر كله ” وبعض الناس في بيته إذا دخل على أهله تجده لا يترك شيئا إلا إنتقده ولا طفلا إلا زجره، فيدخل بيته ويفرغ كل غضبه الذي إكتسبه من السوق والعمل ويفرغه في بيته وأولاده، فيا أيها الأب والأخ الكريم، هل يسرك أنك إذا دخلت بيتك تضايق أهلك ؟ وهل يعجبك إذا دخلت بيتك تفرق عنك أهل البيت فجلست وحيدا ؟

فترفقوا بأهليكم وأولادكم، فإنهم أولى الناس بحنانكم وعطفكم، وإن من بعض الناس خلوق مع كل الناس إلا مع أهله، وهو يخالف بذلك قول رسولنا المصطفي صلي الله عليه وسلم ” خيركم خيركم لأهله” كما جاء عند أبي داود والترمذي وأحمد والدارمي، فإذا أردتم أن تعرفوا أخلاق إنسان، فانظروا إلى أخلاقه مع أهله، فالرفق يا عباد الله بالوالدين والرفق بالأهل والأولاد والرفق بالجيران والرفق بالناس عامة، وأيضا الرفق بالمأمومين، فقال صلي الله عليه وسلم ” إذا صلى أحدكم للناس فليخفف” رواه البخاري، وكذلك الرفق بالجاهل وذلك كما جاء في قصة الأعرابي الذي بال في ناحية من المسجد، فقام الناس إليه، فقال صلي الله عليه وسلم ” دعوه وأهريقوا على بوله ذنوبا من الماء” رواه البخاري، وأيضا الرفق بالخدم والعمال، فقد جاء في صحيح الإمام مسلم عن أبي مسعود رضي الله عنه قال.

كنت أضرب مملوكا لي بسوط وإذا بصوت من بعيد ينادي فيقول إعلم أبا مسعود، إعلم أبا مسعود فلم أسمعه من شدة غضبي حتى اقترب مني، فإذا هو رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقول اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، فسقط السوط من يدي اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا، فقال أبو مسعود هو حر لوجه الله يارسول الله، فقال صلي الله عليه وسلم لو لم تفعل للفحتك النار، وأيضا الرفق بالحيوان حيث دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم حائطا لرجل من الأنصار فوجد فيه بعيرا، فلما رأى البعير رسول الله صلي الله عليه وسلم أقبل البعير حتى وقف بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم ثم بكى فقال صلي الله عليه وسلم من صاحب هذا البعير؟ فقال رجل من الأنصار أنا يا رسول الله، فقال صلي الله عليه وسلم إن هذا البعير شكى إليّ أنك تجيعه وترهقه في العمل، اتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها” رواه أحمد.

شارك مع اصدقائك

عن .فرحه الباروكي

شاهد أيضاً

مفتي الجمهورية: صناعة الفتوى مسؤولية جماعية ولا تحتمل الانفراد الرأي

عدد المشاهدات 5371 213 متابعه احمد القطعاني أكد فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، …