الدكروري يكتب عن أبو المغيث الحسين بن منصور

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن أئمة الإسلام والمسلمين والأدباء والمفكرين والشعراء والذي كان من بينهم الحلاج وهو أبو المغيث الحسين بن منصور الحلاج، وهو شاعر ومتصوف من أصل فارسي، ولقد طور الحلاج النظرة العامة إلى التصوف، فجعله جهادا ضد الظلم والطغيان في النفس والمجتمع ونظرا لما لتلك الدعوة من تأثير على السلطة السياسية الحاكمة في حينه، وعن إبراهيم بن عمران النيلي أنه قال سمعت الحلاج يقول النقطة أصل كل خط، والخط كله نقط مجتمعة، فلا غنى للخط عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط وكل خط مستقيم أو منحرف هو متحرك عن النقطة بعينها، وكل ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين وهذا دليل على تجلي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين.

ومن هذا قلت ما رأيت شيئا إلا رأيت الله فيه، وقال أبو بكر بن ممشاذ حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة، فما كان يفارقها بالليل ولا بالنهار، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان فبعث به إلى بغداد فسئل الحلاج عن ذلك فأقر أنه كتبه فقالوا له كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الألوهية والربوبية؟ فقال لا ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله وأنا واليد آلة؟ فقيل له معك على ذلك أحد ؟ قال نعم، ابن عطاء وأبو محمد الجريري وأبو بكر الشبلي، فسئل الجريري عن ذلك، فقال من يقول بهذا كافر، وسئل الشبلي عن ذلك فقال من يقول بهذا يمنع، وسئل ابن عطاء عن ذلك فقال بقول الحلاج في ذلك، فعوقب حتى كان سبب هلاكه.

وحكى ابن كثير أنه قد اتفق علماء بغداد على كفر الحلاج وزندقته وأجمعوا على قتله وصلبه، وقال أبو بكر الصولي قد رأيت الحلاج وخاطبته فرأيته جاهلا يتعاقل وغبيا يتبالغ وفاجرا يتعبد، ونشأ في مدينة واسط التي تبعد بحوالي مائة وثمانين كيلومترا جنوب بغداد في العراق، وصحب أبا القاسم الجنيد وغيره ويقول الدكتور علي ثويني في الأصل العراقي للحلاج وبالرغم من اقتران اسم الحلاج ببغداد فإنه لم يولد فيها وإنما ولد في أطراف واسط القريبة من جنوبها عام ثماني مائة وثماني وخمسين من الميلاد، في منطقة البيضاء التي يقال لها الطور وربما يكون ذلك الموضع يقع في تخوم وهي أهوار بالعراق التي تدعى البيضاء حتى يومنا هذا، ويؤكد مسقط رأسه هذا المؤرخ الاصطخري.

الذي عاصره وذكر ذلك ابن الجوزي في كتاب المنتظم، حيث ذكر الحسين بن منصور المعروف بالحلاج من أهل البيضاء، وهكذا فإنه عراقي المولد والمنشأ بالرغم من ادعاء البعض بفارسيته والتي لا يؤيدها منهج البحث التاريخي، ثم انتقل إلى البصرة قبل وروده بغداد وهو في الثامنة عشر من عمره، ولم ترضي فلسفته التي عبّر عنها بالممارسة الفقيه محمد بن داود قاضي بغداد، فقد رآها متعارضة مع تعاليم الإسلام، فرفع أمر الحلاج إلى القضاء طالبا محاكمته أمام الناس والفقهاء فلقي مصرعه مصلوبا بباب خراسان المطل على دجلة على يدي الوزير حامد بن العباس، تنفيذا لأمر الخليفة المقتدر في القرن الرابع الهجري بعد أن طال محاكمته سبع سنين واستتابه الخليفة فلم يرجع عن قوله.

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

أمراض القلب وانسداد الشرايين وخطورتها علي حياة الإنسان

500 89 بقلم: رضا الحصري هناك من أمراض القلب وانسداد الشرايين ما هو أخطر المشكلات …