الدكروري يكتب عن كل ظلم حرام ولو كان المظلوم كافرا

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إنه خلق وأمر حض عليه الإسلام وهو من بين أبرز أسباب التماسك الاجتماعي سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع، وإذا فقد هذا الخلق تقطعت حبال القربى وزُرع الشوك بين أفراد المجتمع وأُلصقت التهم والمفاسد بالمسلم البريء هذا الخلق هو حسن ظن المؤمن بأخيه المؤمن والتماس الأعذار له فإن رأى منه خطأ أو تقصيرا، وقد نهانا ربنا جل جلاله عن الظن السيء بقوله تعالي ” يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن غن بعض الظن إثم”

وقال شيخ الإسلام ابن كثير في تفسير هذه الآية، يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن وهو التهمة والتخون للأقارب والأهل والناس في غير محله، فيجتنب كثير منه احتياطا والظن مبني على التخمين بسبب كلمة أو عمل محتمل، فكانت نتيجة الظن في الغالب الوقوع مشاكل عديدة لامبرر لها، كما أن الظن يجعل تصرف صاحبه خاضعا لما في نفسه من تهمة لأخيه المسلم، ويتحكم الظن في التسويلات النفسية والاتجاهات القلبية حتى تجد من يظن السوء يحمل لمن يظن به أطنانا من التهم بناها خياله المريض، وكدستها أوهامه ولذا نهى الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه عن الظن بقوله ” إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث” متفق عليه، ويكون سوء الظن محرما إذا توافرت فيه ثلاث شروط.

أولها أن يكون من يساء به الظن مسلما، وثانيها أن يستقر سوء الظن في النفس وتصير التهمة التي يتهم المسلم أخاه بها شيئا ويترتب عليه أن يعامل المسلم أخاه حسبما استقر في نفسه، وثالثها وهو أن يكون المتهم الذي يساء الظن به ظاهر الصلاح والعدالة بمعنى أنه غير مرتكب لكبيرة ولامصر على صغيرة فيما يبدو للناس، أما فيما بينه وبين الله تعالى فلا دخل للعباد فيه، وأما إن كان من يساء الظن به كافرا فإن الأصل في الكافر أنه لايؤتمن ولاشيء على من يسيء الظن به بشرط أن لايتهمه بتهمة يسمع الناس بها وهو منها بريء، فإن فعل ذلك وكان الكافر من أهل الذمة أو ممن بينه وبين المسلمين صلح أو معاهدة فإن ظلم الكافر في هذه الحالة حرام، لأن الأصل أن كل ظلم حرام ولو كان المظلوم كافرا أو حيوانا أو حشرة.

وأما إن كان ظن السوء حديث نفس عابر غير مستقر، كشيء خطر في بال الإنسان ثم تلاشى ولم يستقر، فإنه لاشيء فيه، لأن الله تعالى غفر لهذه الأمة ما حدثت به أنفسها كما ثبت ذلك بأدلة عديدة، أما إن ظن السوء بإنسان مسلم ظاهر الأعمال القبيحة، أو مخالف لشرع الله تعالي في أعماله وأقواله، فإنه لاشيء عليه حينئذ، ونسمع اليوم من بعض الناس من يتكلم في القضاة والدعاة والائمة والمصلحين بغير وجه حق وقد يكون ظاهر هؤلاء القوم المتكلمين في الناس الصلاح لكن يدلك على باطنهم مثل هذه الأقوال عمن هم في نظر الناس أهل علم وفضل، بل وهناك من نصب نفسه محاسباً يتتبع أفعالهم وأقوالهم وهفواتهم ونقص بسيط في أداء أعمالهم لظروف أحاطت بهم لينشرها بين الناس على أنها جرائم كبرى لاتغتفر.

ولو بُحث عن مثل هذا في أداءه لعمله ولواجبه في منزله لوجد من أشد الناس تقصيرا، ولايشغل بعيوب غيره عن نفسه إلا من في قلبه مرض، ولا يدعى العصمة لأحد فمن طبيعة البشر الخطأ لكن هناك منهج الموازنة بين الحسنات والسيئات، ومنهج حسن الظن أيها الأحبة في الله ليس قصرا على التعامل مع فئة بعينها في المجتمع وإنما ينبغي أن يكون دأب المسلم في بيته ومع أهله ومع أهل حيه وزملاء عمله والمسلمين أجمعين.

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

مفتي الجمهورية: صناعة الفتوى مسؤولية جماعية ولا تحتمل الانفراد الرأي

عدد المشاهدات 5371 210 متابعه احمد القطعاني أكد فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، …