الدين يسير بأمر الذات الإلهية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالَمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد فإن الحاجة تبدو ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى للإلتزام بالخلق الإسلامي من أجل الخروج بالبشرية كلها إلى ساحة الإنقاذ بعدما أفسدت الفلسفات الوضعية ذات المنحى المادي القيم فى معظم الأمم المعاصرة، وشوهت صورة الأخلاق مما جعل الناس يتخبطون بما نراه اليوم من فساد وانتشار للرذائل وانهيار شامل في القيم والمثل، ولقد جاءت الأديان كلها بالدعوة إلى الإعداد الخلقي للناس، وجعلته على قمة أهدافها التوجيهية والتربوية، وقد أكد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” وإن باب الأخلاق باب كبير في السنة النبوية الشريفة.

وقبلها في القرآن الكريم، وقد اختلف العلماء في مفهوم الأخلاق، وعرّفوها تعريفات مختلفة غير أنهم جميعا يتفقون في صلة الأخلاق بالسلوك، وإن الإسلام دين رقي وحضارة ينأى بمصادر المياه عن كل ما يكدر صفاءها، ويلوث نقاءها، فنهى عن البول في الماء، لأن في ذلك تنجيسا للماء وإيذاء لمستعمليه، فكل سلوك ينتج عنه تلوث المياه أو إهدارها هو إيذاء وضرر منهي عنه في الإسلام، وإن المحافظة على نعمة الماء والتعاون مع الجهات المعنية في ذلك مطـلب شرعي، فمن المهم الأخذ بالوسائل التي تعين على حفظ المياه ومصادرها من الهدر والضياع، والاستعانة بتقنية الترشيد في البيوت والمزارع والمؤسسات، والاستفادة من المياه المسـتخدمة في الوضوء ونحوه في سقي المزروعات والمسطحات.

فذلك خير من إهدارها، فإن هذا الدين يسير بأمر الذات الإلهية، فلا يرتبط بأشخاص ولا يعتمد على قوة بشرية، ويتجلى سر هذا المعنى في أنه لو كان الإسلام مرتبطا بالمسلمين فإن حالهم لا يغري أحدا بالانضمام إليهم، لكن هذا الدين دين يخاطب الإنسان يخاطب روحه وعقله وقلبه، إنه يجيب عن أهم سؤال وهو لم أنا موجود؟ بل ويتعدى هذا إلى الإجابة عن أكثر أسرار الكون غموضا فهو يكشف للإنسان مصيره بعد وفاته ومفارقته لهذه الدنيا، ويفصل له مراحله كلها من المهد إلى اللحد، وإلى ما بعد اللحد، ولقد خاض المسلمون الأوائل حربا قاسية، في سبيل إعلاء كلمة الحق من عقيدة التوحيد أمام صناديد قوى الشرك والكفر القائمة في ذلك الوقت، فاستطاع أن يغزوها ويزيلها لأن الصدام كان بين عقيدة حق وباطل.

وحينما تخلى المسلمون اليوم عن عقيدتهم، وغرقوا في ملذاتهم وشهواتهم، وتمسكوا بالباطل، في الوقت الذي أصبح لأعدائهم عقيدة ولو باطلة انتصرت العقيدة الباطلة، فإذا رجع المسلمون إلى عقيدتهم سينتصرون، ولنعلم جميعا بأن المنهج الدراسي له سائله المباشرة وغير المباشرة في تربية الأخلاق، فالدروس الخاصة بالتربية الخلقية والتي تهدف إلى تعلم الفضائل، وتحض على العادات الطيبة والسلوك الحسن وسائل مباشرة، أما تهيئة الجو المدرسي الذي يتبادل فيه الطلاب التجارب الحسنة، والخبرات الطيبة، ويتدربون فيها عمليا على ممارسة سلوك الفضيلة والخير والحق في بيئة إجتماعية صالحة موجهة فهذه هي الوسائل غير المباشرة أو العمليّة التي تعد أكثر نفعا وأعظم جدوى من تعليم الأخلاق نظريا لأن علم الأخلاق ودراسته شيء، وممارسته في السلوك اليومي شيء آخر.

شارك مع اصدقائك

عن رشا يوسف

شاهد أيضاً

أمراض القلب وانسداد الشرايين وخطورتها علي حياة الإنسان

500 89 بقلم: رضا الحصري هناك من أمراض القلب وانسداد الشرايين ما هو أخطر المشكلات …