الفرح بقدوم العشر من ذي الحجة

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

 

الحمد لله المتوحد بالعظمة والجلال، المتعالي عن الأشباه والأمثال، أحمده سبحانه وأشكره، من علينا بواسع الفضل وجزيل النوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه، كتب الفلاح لمن إتبعه وإحتكم إلى شرعه، ففاز في الحال والمآل صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضائل العشر الأوائل من شهر ذو الحجة، وإن بعض الناس يفرحون بقدوم عشر ذي الحجة على أنها أيام إجازة فيستغلونها في سفر ومرح ولهو، مفوتين على أنفسهم فرصة إغتنام الأجور المضاعفة التي يعرضها الله عز وجل في هذه الأيام المباركة، وأما الصالحون فهم يفرحون بقدوم عشر ذي الحجة لأنها أفضل أيام الدنيا.

 

فهي أيام تشمير وإجتهاد، وليست أيام لهو ورقاد، وهناك فرق كبير ممن يقول بقي على إجازة الحج كذا يوم، وممن يقول بقي على عشر ذي الحجة كذا يوم، فالأول همه الإجازة، والثاني همه أن يبلغه الله هذه العشر ليشمر في طاعة الله، وإن مما ينبغي أن يعلم أن كل إمرئ منا يحتاج إلى مزيد من المقاومة والمجاهدة للنفس والهوى والشيطان في أيام عشر ذي الحجة لإستغلالها في العمل الصالح إن كان جادا في ذلك، وإننا لا نستغرب أن نرى معظم الناس يستثمرون أوقاتهم بقراءة القرآن والبعد عن مواطن المعصية في شهر رمضان لأن الشياطين فيه مسلسلة، وأما في أيام عشر ذي الحجة فيجب أن نعلم بأن الشياطين فيه لا تسلسل، لذلك نحتاج إلى مزيد من المجاهدة والمقاومة للهوى والشيطان، وإن وسائل الإعلام المختلفة إن كانوا يحبون نشر الخير فعليهم توعية الناس.

 

وتسليط الأضواء الكاشفة على مكانة عشر ذي الحجة لغفلة كثير من المسلمين عنها وجهلهم قدرها وعظيم ثوابها عند الله، لذلك إستحضر أخي المسلم كل الأعمال الصالحة التي كنت تعملها في رمضان وقم بمثلها في هذه الأيام المباركة، فأكثر من قراءة القرآن وإختمه إن إستطعت عدة مرات، وها نحن نعيش في هذه الأيام الطيبة المباركة من مواسم الخيرات التي تضاعف فيها الحسنات وتفتح فيها أبواب الرحمات، وتقال فيها العثرات ويغفر الله فيها للمستغفرين، ويتوب على المؤمنين، ويجيب فيها السائلين، إنها العشر من شهر ذي الحجة، وهي الأيام الفاضلة، التي عظّم الله شأنها ورفع مكانتها وأقسم بها في كتابه، فقال تعالي ” والفجر وليال عشر والشفع والوتر ” فالليالي العشر هي ليالي عشر ذي الحجة، والشفع هو يوم النحر، والوتر هو يوم عرفة.

 

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح في هذه الأيام أفضل من الجهاد في سبيل الله، ففي البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر” قالوا يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ” ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء” وفي رواية أخري ” ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى” قيل ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ” ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ” وفي هذه الأيام المباركة تجتمع أمهات العبادات، فيجتمع فيها الصلاة والصيام والحج والصدقة بالأضاحي والهدي والذكر وغيرها من العبادات.

 

فطوبى لعبد إستقبل هذه الأيام بالتوبة الصادقة النصوح، التوبة من التقصير في الواجبات، والتوبة من إرتكاب المحرمات، والتوبة من التقصير في شكر نعم الله علينا، فكم من نعمة أنعمها الله تعالي علينا لم نؤدي شكرها، وكم من طاعة لله عز وجل قصرنا فيها وما تبنا، وطوبى لعبد إغتنم مواسم الخيرات بالعمل الصالح، الذي يقربه إلى ربه ويرفع درجت

ه في الجنة.

شارك مع اصدقائك

عن دكتوره مرفت عبد القادر

شاهد أيضاً

مظاهر التكريم الرباني لبني آدم

500 196 بقلم محمد الدكروري الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، …