القرآن الكريم والوصية بإبن السبيل
محمد البحيري
12 سبتمبر، 2025
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 163
بقلم محمد الدكروري
إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد إن من الآثار الصالحه للعبد بعد موته هو بيت لإبن السبيل بناه، فمن بنى بيتا ووقفه على إبن السبيل يأوي إليه وينزل فيه في سفره فإنه يأتيه من ثواب ذلك بعد موته، ومعنى ذلك أن الإسلام يرغّب في بناء بيوت المسافرين التي تعرف بالفنادق تطوعا، لينزل فيها المسافرون مجانا، لأن الغالب على المسافرين الحاجة وقلة المال.
ولذا كثر في القرآن الكريم الوصية بابن السبيل، ومن الآثار الصالحه للعبد هو نهر أجراه، فإن أهمية الماء في الحياة لا تخفى على أحد، فقد جعل الله تعالي من الماء كل شيء حي، والإسلام يرغّب في العمل على توفير الماء للمحتاجين وسقاء العطشى فمن أجرى نهرا يشرب منه الناس ويستقوا، فإن له الجنة، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال “من حفر بئر ذرومة فله الجنة ” أي مثل بئر رومه، وكانت لرجل من بني غفار عين في المدينة، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” تبيعنيها بعين في الجنة؟ فقال يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان بن عفان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتجعل لي فيه ما جعلته له؟ فقال نعم، قال قد جعلتها في المسلمين”
فمن استطاع منكم أن يجري نهرا، أو يحفر بئرا ويجعلها للمسلمين فليفعل وله مثل ذلك في الجنة، ومن الآثار الصالحه للعبد هو صدقة أخرجها من ماله، فحالة كونه يخشى الفقر ويأمل الغنى، فإن هذه الصدقة يأتيه من ثوابها بعد موته ما شاء الله، وصدقة جارية ومنها المشاريع الإقتصادية التي ينفع الله بها الأمة، فالبدار البدار والمسارعة إلى أن تدخر لك أخي الكريم عند الله ما ينفعك غدا ” يوم لا ينفع مالا ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم ” فالأيام تطحن الأعمار طحن القمح في الرحى ثم تذرى الأعمال أدراج الرياح ولا يبقى إلا ما رضيه الله سبحانه، وأحبه من الأقوال والأفعال، وصدق القائل ” إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل، فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا، فإنما الربح والخسران في العمل” فيا أخي الحبيب بادر الأيام بالعمل الصالح،
وأملأ خزائنها بالفرائض والنوافل قبل أن تبادرك هي بموت أو عجز، وقبل أن تجدها فارغة خاوية تقول ” يا ليتني قدمت لحياتي ” فيا أخي الكريم خذ لك زادين من سيرة ومن عمل صالح يدّخر، وكن في الطريق عفيف الخطا شريف السماع كريم النظر، وكن رجلا إن أتوا بعده يقولون مرّ وهذا الأثر، واعلم أخي الكريم أن من معالم التوفيق هو من ترك أثرا طيبا مباركا بعد رحيله من هذه الحياة الدنيا، يذكر به ويترحم عليه، ويكتب له الأجر والثواب بمنه وكرمه، فعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أعذر الله إلى امرئ أخّر أجله حتى بلغ ستين سنة ” رواه البخاري، وقال العلماء فيما معناه، أي لم يترك له عذرا إذ أمهله هذه المدة، عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون