بعد قمة السلام… إسرائيل تعود للهجوم وترامب يشعل الجدل ونتنياهو يترنّح تحت ضغط الداخل
.فرحه الباروكي
16 أكتوبر، 2025
مقالات
عدد المشاهدات 5371 146
بقلم علياء الهواري
بينما كان العالم يحتفي بإعلان “قمة شرم الشيخ للسلام” بوصفها خطوة نحو إنهاء الحرب في غزة، عادت أصوات الانفجارات والاقتحامات لتذكّر الجميع بأن الميدان لا يعترف كثيرًا بخطابات الفنادق ولا ببروتوكولات المؤتمرات.
فبعد يومين فقط من الاتفاق الذي وُقّع في شرم الشيخ، والذي نصّ على وقف شامل لإطلاق النار مقابل تبادل الأسرى والمحتجزين، تجددت الاعتداءات الإسرائيلية على مناطق متفرقة في غزة والضفة الغربية، ما أثار تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق، ومدى صلابته في وجه الوقائع الميدانية.
القمة التي استضافتها مصر بمشاركة قادة من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، وقطر، والأردن، خرجت بإعلان مشترك ينص على “وقف الحرب، تبادل الأسرى، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
وشهد المؤتمر حضورًا لافتًا للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي حاول الظهور مجددًا كوسيط رئيسي في الملف، معلنًا أن “هذه المرة هي بداية السلام الحقيقي في الشرق الأوسط”.
لكن تصريحات ترامب اللاحقة، حين وصف الاتفاق بأنه “انتصار كبير لإسرائيل”، أثارت موجة غضب فلسطينية، واعتُبرت “استفزازًا سياسيًا” يعيد إلى الأذهان خطابه المنحاز خلال فترة رئاسته.
ورغم التزامٍ أولي بوقف إطلاق النار، نفذت القوات الإسرائيلية سلسلة عمليات ميدانية فجر اليوم في مدن جنين وطولكرم، أسفرت عن اعتقال أكثر من 30 فلسطينيًا ووقوع إصابات بين المدنيين.
ونقلت وسائل إعلام عبرية أن الجيش الإسرائيلي يبرر هذه العمليات بأنها “احترازية ضد خلايا مسلحة”، بينما وصفتها الفصائل الفلسطينية بأنها “خرق واضح لبنود الاتفاق الذي رعته القاهرة”.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية المصرية أنها “تتابع بقلق التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية”، مطالبةً جميع الأطراف “بالالتزام الكامل ببنود وقف إطلاق النار وعدم تقويض جهود السلام”.
في الداخل الإسرائيلي، تعثرت مجددًا جلسات محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد إصابته بوعكة صحية مفاجئة خلال مثوله أمام المحكمة بتهم الفساد.
ورغم خروجه من المستشفى مساء أمس، أعلن مكتبه عن اجتماع أمني طارئ يعقده اليوم لمناقشة “الوضع في الجنوب والضفة”، في إشارة إلى احتمال إعادة النظر في التهدئة إذا تدهور الوضع الميداني.
ويرى مراقبون أن نتنياهو يعيش واحدة من أكثر لحظاته السياسية هشاشة، إذ يحاول تحقيق توازن بين مطالب اليمين المتطرف الذي يرفض أي “تنازلات لحماس”، وضغوط المجتمع الدولي الذي يطالبه بالالتزام بالاتفاق الذي رعته مصر.
يرى محللون أن ما تم التوصل إليه في شرم الشيخ يمثل اختراقًا دبلوماسيًا مؤقتًا أكثر من كونه اتفاقًا نهائيًا.
فالاتفاق لم يعالج جوهر الأزمة — من إدارة غزة ومستقبلها، إلى ملف الانسحاب والحدود — واكتفى بخطوات إنسانية محدودة مثل تبادل الأسرى وإدخال المساعدات.
ويشير الخبراء إلى أن “إسرائيل تحاول كسب الوقت، بينما تسعى القاهرة لتثبيت التهدئة ولو مؤقتًا، في ظل غياب رؤية شاملة للسلام الدائم”.
مؤتمر شرم الشيخ أعاد للمنطقة مشهد “السلام الممكن”، لكنه أيضًا أعاد السؤال القديم:
هل يمكن لاتفاقٍ أن يصمد دون إرادة سياسية حقيقية؟
ففي الوقت الذي تتحدث فيه العواصم عن “نهاية الحرب”، ما زالت غزة تحت الركام، والضفة تحت المداهمات، والرهائن والمعتقلون ينتظرون الوفاء بالوعود.
ربما كان مؤتمر شرم الشيخ لحظة مهمة في الصورة،
لكن الواقع كما يرى الفلسطينيون لا يزال خارج الكادر.