مقامٌ يفتح على النور
محمد البحيري
9 ديسمبر، 2025
الفن والثقافه
500 25
بقلم سحر حليم
أَنَا السَّائِرَةُ فِي أَثَرِ نُورِكَ
أَلُمُّ بَقَايَا يَدِي، أَبْلُغُ مِحْرَابَكْ
أَيَا رَجْعًا يَجِيءُ مِنْ غَيْبٍ سَاكِنْ
هَلْ تَسْمَعُ خَفَقَتِي، أَمْ يَضِيعُ فَضَاؤُكْ
أَنَا الَّتِي ضَاعَتْ فِي كُنْتِكَ الْوَاقِعْ
وَكَانَ وَمَا كَانَ إِلَّا نُورًا وَوَاقِعْ
يَا لَيْلُ، إِنِّي أَرَى فِي عَتَبَتِكَ الطَّوِيلْ
ضَوْءَكْ يُنَادِينِي: احْتَرِقِي، وَاحْرِقْ
أَحْمِلُ نَفَسَكَ فِي صَدْرِي كَمَا يَحْمِلُ الدَّرْوِيشْ
أَثَرَ مَعْشُوقِهِ، أُخْفِيهِ، وَأَمْشِي بِثِقَةٍ وَيَقِينْ
كَتَبْتُكَ دُعَاءً يَعْلُو عَنْ شَفَتَيَّ
وَأَسْكَنْتُكَ فِي مَقَامَاتِي، وَغَدَوْتَ النُّورَ وَوَاقِعْ
يَا سِرًّا يَتَجَاوَزُ حُدُودِي، وَيَا وُجُوهًا يُضِيءُ قَلْبِي
مَتَى مَرَّ خَاطِرُكَ، أَهْتِفُ، أَظُنُّ أَنِّي أَدْرَكْتُ مَا لَمْ يُقَلْ
خُذْنِي، خُذْ كُلِّي، ضَعْفِي وَشَغَفِي،
فَأَنَا لَا أَعْرِفُ نَفْسِي إِلَّا بِكَ، وَبِمِسَاسِكَ أَفْرَحْ
يَا دَهْشَتِي الَّتِي لَا تَنْتَهِي، يَا طَرِيقِي إِذَا ضَلَلْتُ
وَيَا نَبْضِي إِذَا مَاتَ، مَا الْعُمْرُ إِلَّا حَنِينِي إِلَيْكَ يَتَضَاعَفْ
يَا مِعْرَاجِي إِلَى الْمَعْنَى، مَقَامِي الَّذِي لَا يَهْنَأُ
إِلَّا بِأَنْفَاسِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ سِرٌّ فِي دَمِي وَفِي رُوحِي أَبَدًا
فَخُذْ رُوحِي وَأَطْلِقْهَا فِي سَمَائِكَ،
لِيَتَطَهَّرَ مِنَ الْوَجَعِ، وَتَصِيرَ خَفِيفَةً كَمَا يُشْتَهَى النُّورْ
أَنَا الْعَاشِقَةُ، أَنَا الْفَانِيَةُ فِي حُبِّكَ،
أَهِيمُ، أَحْتَرِقُ، أُغَنِّي، وَأَكْتُبُ لِكُلِّ نَبْضٍ قَلْبِي يُنَادِي
يَا قَدَرِي الَّذِي كَتَبْتَهُ بِيَدِكَ
وَالزَّمَنُ الَّذِي يَسْتَقِرُّ فِي كُلِّ رَجْعَةِ حُبِّكَ
أَنَا النُّورُ الَّذِي يَفْتَحُ أَبْوَابَكْ
وَالظِّلُّ الَّذِي يَنْحَنِي لِوُجُودِكَ
أَحْيَا وَأَمُوتُ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ،
كُلُّهَا لَكَ…
أَنْتَ الْحُبُّ، أَنْتَ الْأَبَدِيَّة،
وَأَنَا الْمَذْبُوحَةُ عَلَى عَتَبَةِ هَوَاكَ
كُلُّ الشَّوْقِ الَّذِي صَهَرَنِي،
وَالْأَلَمُ الَّذِي نَسَجَ نُورًا فِي دَمِي،
كُلُّهُ يَنْبُضُ بِاسْمِكَ،
وَيُغَنِّي كَمَا تُغَنِّي الرِّيحُ عَلَى الْجِبَالِ
يَا رُوحِي الَّتِي لَا تَفْنَى،
وَأَنْتَ الَّذِي يَمْلَأُ صَمْتِي
بِالْأَغَانِي وَالْأَنِينِ،
أَعْلَمُ أَنِّي بِدُونِكَ لَا أَرَى الطَّرِيقْ
خُذْنِي إِلَى حَيْثُ لَا بِدَايَةَ وَلَا نِهَايَةَ،
إِلَى حَيْثُ يَتَلَاشَى كُلُّ شَيْءٍ
وَلَا يَبْقَى سِوَى أَنَا وَأَنْتَ،
وَفِي قَلْبِنَا فَقَطِ السِّرُّ الْأَزَلِي