حقوق حراس الشريعة وحماة الدين

بقلم محمد الدكروري

 

الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظلم الشهوات، وأخلص عقولهم عن ظلم الشبهات، أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة، وبراهين عظمته القاهرة، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله، واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات،

شهادة تقود قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، والمبعوث إلى كافة البريات، بالآيات المعجزات، والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة، وأصحابه الفضلاء الثقات، وعلى أتباعهم بإحسان، وسلم كثيرا ثم

أما بعد اعلموا أن من الرحمة بالصغار هو تأديبهم وضربهم أحيانا لمصلحتهم، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله “الرحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهتها نفسه.
وشقت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرحم الناس بك من شقّ عليك في إيصال مصالحك، ودفع المضار عنك، فمن رحمة الأب بولده أن يكرهه على التأدب بالعلم والعمل، ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده،

كان لقلة رحمته به، وإن ظن أنه يرحمه ويرفهه ويريحه، فهذه رحمة مقرونة بجهل” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كنّ له ثلاث بنات ‌يؤويهن ‌ويرحمهن ويكفلهن، وجبت له الجنة ألبتة، قيل يا رسول الله، فإن كانتا اثنتين؟ قال وإن كانتا اثنتين، قال فرأى بعض القوم أن لو قال واحدة، لقال واحدة، وكما أن منزلة العلماء في الإسلام لا تعلوها منزلة، وقدرهم لا يعلوه قدر، هم حراس الشريعة وحماة الدين، ومنارات الكون، بهم صلاح الناس وهدايتهم.

هم كالنجوم لأهل الأرض إذا أضاءت اهتدوا بها، وإذا أفلت ضلّوا وتحيّروا، لحومهم مسمومة،

وعادة الله فيمن تجاهل حقوقهم معلومة، من وقع فيهم بالسلب، إبتلاه الله قبل موته بموت القلب، إن نجاة الناس مرهونة بوجود العلماء الربانيين الصادقين، فإذا قبض العلماء، حلت الهلكة والفوضى والفتن كما جاء في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقي عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا، وقيل لسعيد بن جبير يا أبا عبدالله، ‌ما ‌علامة ‌هلاك ‌الناس؟ قال إذا هلك علماؤهم،

وكما ينبغي علينا أن نظهر حقوقهم وإظهار فضائلهم ونشر محاسنهم، وصرف الجيل إلى محبتهم والإستماع إليهم.
وإنه لمن إنتكاس الفطر، أن يعرف الأبناء رموز الخنا والسفاهة، ويجهلوا علماءهم الذين هم أمنة الأمة ورعاتها وحراسها، وهم الذين يذودون عنها، ويمنعونها من أيدي السفهاء والعابثين، ومن حقوق علمائنا علينا إجلالهم وإحترامهم، والإصغاء لمواعظهم وتوجيهاتهم، وقبيح أن ترى بعض الشباب أو بعض المثقفين يذكر العلماء كذكره لعامة الناس، ويسلم عليهم سلام المترفع،

لا يكرمهم، ولا ينزلهم منازلهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط ” وكما أن من حقوقهم هو الدفاع عنهم والدفاع عن أعراضهم، في وقت ظهرت شرذمة لا خلاق لهم، يهمزون العلماء، ويقدحون فيهم، وربما إنتقصوهم أمام العامة، وحاولوا التقليل من شأنهم.

وهذا والله لمن أخطر الذنوب على العبد، فإنتقاصهم ليس كانتقاص غيرهم، وقد كان الصالحون قبلنا يعرفون فساد دين الشخص بوقيعته في العلماء حتى قال بعضهم وإن من علامة البدعي وقوعه في العالم الشرعي، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة” فكيف بالدفاع عن أعراض العلماء، أولياء الله؟ وقال عبدالله بن المبارك رحمه الله “حق العاقل ألا يستخف بثلاثة العلماء والسلاطين والإخوان، فإن من إستخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن إستخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن إستخف بالإخوان ذهبت مروءته”

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

لا تشبع من طول صحبته

500 121 بقلم محمد الدكروري إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور …