حينما يسقط القوام.. خيانة الرجل لزوجته وترك أبنائه بلا نفقة

بقلم / اسامة عبدالخالق

حينما يسقط القوام.. خيانة الرجل لزوجته وترك أبنائه بلا نفق

في مجتمع يقوم على دعائم المودة والرحمة، تنهار أركانه حين يتخلى الرجل عن مسؤولياته، فيخون عهد الزواج ويترك أبناءه بلا رعاية أو نفقة. هذه ليست مجرد حالة فردية، بل ظاهرة مؤلمة تنخر في جسد الأسرة والمجتمع، وتترك آثارًا نفسية واجتماعية لا تمحى بسهولة.

الخيانة الزوجية: طعنة في الظهر والقلب

الزواج ليس عقدًا شكليًا، بل ميثاق غليظ، أقامه الله على أساس من المودة والسكينة والوفاء. حين يخون الرجل زوجته، لا يقتصر ضرره على خيانة الجسد، بل يمتد ليهدم الثقة، ويقتل الأمان، ويشعل نار الغيرة والخذلان في قلب المرأة التي كانت سندًا وشريكة حياة.

الخيانة لا تكون دائمًا بالزنا، بل تبدأ من نظرة، ثم حديث، ثم تواصل سري، وتنتهي بعلاقة مشبوهة تُدنس شرف العلاقة الزوجية. ومهما كانت المبررات، فالرجل الذي يخون زوجته إنما يخون نفسه أولًا، ويهدم أسرته بيده.

أبناء بلا سند.. والآباء الغائبون حاضرون في الألم

المأساة لا تقف عند الخيانة، بل تتضاعف حين يتنصل الرجل من مسؤوليته تجاه أبنائه، فيتركهم بلا نفقة، بلا تعليم، بلا دواء، وأحيانًا بلا مأوى. الطفل لا يختار والده، لكنه يدفع الثمن باهظًا حين يفرّ الأب من دوره. كم من أم تحملت أعباء الحياة وحدها لأن الأب اختفى خلف أبواب الإهمال أو اللامبالاة؟ وكم من طفل حُرم من طعام أو علاج لأن والده مشغول بعلاقة جديدة، أو بخداع زوجة أخرى؟

بين القانون والضمير.. أين العدل؟

القوانين في كثير من الدول تجرّم تخلي الأب عن النفقة، وتمنح الأم حق التقاضي. لكن ماذا عن الضمير؟ وماذا عن الرجل الذي لا تهزه القوانين، ولا يردعه الحياء؟ إن أشد أنواع الظلم أن يُجبر طفل على العيش بكرامة مهزوزة لأن والده اختار الهروب، بدلًا من الاحتواء.

الآثار النفسية: جراح لا تُرى بالعين

الخيانة تترك في قلب المرأة ندبة لا تندمل بسهولة، أما تخلي الرجل عن الأبناء فيزرع فيهم مشاعر النقص، والغضب، والحقد، بل ويدفع البعض إلى الانحراف أو العنف. هؤلاء الأطفال يكبرون وهم يسألون: لماذا لم يحبنا؟ لماذا لم يكن موجودًا حين مرضنا، جُعنا، احتجنا حضنه أو كلمته؟

القدوة المغيبة.. ورسائل مضطربة للأجيال

حين يرى الطفل أباه يخون أو يختفي، يتزعزع مفهوم القدوة في داخله. وحين ترى الفتاة أمها مهانة، مظلومة، منهكة، تخاف من الارتباط مستقبلًا، أو تُصبح ضحية جديدة في حلقة لا تنتهي من الألم.

أين أنت يا رجل؟

نعم، نسأل: أين الرجل الذي وعد بالحماية والرعاية؟ أين من أقسم أن يكون السند والأمان؟ هل تحوّلت الرجولة إلى شعار أجوف لا يُطبّق إلا في الكلام؟ إن الرجولة الحقة لا تقاس بعدد النساء، بل بمدى الوفاء والصدق وتحمل المسؤولية.

دعوة للعودة إلى الفطرة

الأسرة ليست عبئًا، بل رسالة. وإن كان الزواج ابتلاءً في بعض الأحيان، فهو أيضًا امتحان للضمير والإخلاص. فليت كل رجل يراجع نفسه، ويتأمل عواقب أفعاله. أن تخون زوجتك أو تهمل أبناءك، هو خيانة للعهد، وخرق للقيم، وهدم لبنيان المجتمع من داخله.

لن يستقيم حال المجتمع إلا إذا استقام حال الأسرة، ولن تكون الأسرة قوية إلا إذا تحمّل كل فرد فيها مسؤولياته كاملة. الخيانة ليست رجولة، والتنصل من النفقة ليس شطارة، بل هما عنوانان للفشل والخذلان. فليكن الحب والرحمة والوفاء هم أساس البيوت، لا الخداع والهروب والأنانية.

شارك مع اصدقائك

عن اسامه عبد الخالق

شاهد أيضاً

أمراض القلب وانسداد الشرايين وخطورتها علي حياة الإنسان

500 89 بقلم: رضا الحصري هناك من أمراض القلب وانسداد الشرايين ما هو أخطر المشكلات …