كتب/ أيمن بحر
ذكر المقريزي أن الصعيد كان يحوي عجائب كثيرة ونسب ذلك لكون حيز قفطريم فيه وقفطريم هو ابن قبطيم بن مصرايم الذي قيل إنه وضع أساسات الأهرام وغيرها من المعالم ومن عجائب الصعيد ما ذكره ابن ظهيرة ونقله المقريزي عن بلد أخميم بأنه بلد عظيم وفيه من العجائب والآثار والبرابي والطلسمات ما لا يعرف
وفي حديثه عن أسرار قفط القديمة ركز المقريزي على مدينة قفط ذاكراً أنها عرفت باسم قفطريم بن قبطيم وأن خرابها بدأ بعد الأربعمائة من تاريخ الهجرة ومما عده من عجائبها القديمة ما ذكره عن قفطريم الذي قيل إنه وضع أساسات الأهرام الدهشورية وبنى مناراً عالياً على جبل قفط يرى منه البحر الشرقي كما عمل البركة التي سماها صيادة الطير حيث كان الطائر يسقط فيها ولا يقدر على الحركة ويقال إنها كانت موجودة إلى عصره
ويظهر من اهتمام المقريزي بالصعيد عمق نظره إلى جذور الحضارة المصرية مؤكداً أن الوجه القبلي كان مهداً لأقدم الأسرار والعجائب مما يفسر قوله إنه أكثر عجائب من أسفل الأرض
كما أوضح المقريزي في منهجه بين الشاهد والراوي أنه في تعامله مع أخبار الصعيد يجب التمييز بين ما شاهده بنفسه وما نقله عن مصادر قديمة فكان يوثق الحاضر بذكره وجود أربعين مسبكاً للسكر وست معاصر للقصب في قفط مما يؤكد أهميتها الاقتصادية في زمنه وفي الوقت ذاته نقل أساطير القدماء عن قفطريم كمنار جبل قفط وبركة صيادة الطير
ويؤكد المقريزي من خلال هذه الروايات أن مصر بالنسبة إليه لم تكن مجرد القاهرة أو الإسكندرية بل سلسلة متصلة من الحكمة والعظمة تبدأ من الجنوب وتصل إلى الشمال فهي حضارة ضاربة في عمق التاريخ تحمل بين طياتها أسرار القدماء الذين شيّدوا المعجزات وجعلوا من الصعيد أرضاً للدهشة والعجائب
صدى – مصر من مصر لكل العالم