عودة الشاب من الخارج مريضا بالإيدز

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد هذا شاب قد بشره أبوه بشرى سعيدة، وقال له أنه بإمكانه دراسة الطب في الخارج على نفقته، وفرح فرحا شديدا ولكن الأب إشترط على إبنه الزواج قبل السفر، فوافق دون أن يتردد، وفي عشرة أيام تم كل شيء وتزوج من بنت خاله، وبعد الزفاف بشهر كانت كل الأمور جاهزة، من جواز سفره وتذاكر السفر وشيكات بمبلغ ثلاثمائة ألف دولار، فودّع والديه وزوجته، فهي المرة الأولى التي يفارقهم فيها بلده وأهله، وبعد رحلة طويلة وصل إلى تلك المدينة التي فيها تمثال الحرية ولم يكن يعرف أحدا إلا صديق قديم لوالده وتحمل أصابعه العنوان الخاص به.

وعندما وصل إلى العنوان لم يجد سوى سكرتيريته التي قامت بالحجز له في أحد الفنادق بعد أن قالت أنه قريب صاحب الشركة، وفي اليوم التالي قام بزيارة صديق والده الذي إستقبله بترحاب شديد وقام بإرسال أحد العاملين لديه لإتمام التحاق الابن بالجامعة، وإستأجر شقة في إحدى العمائر بناء على مشورة من صديق والده، وأثث الشقة بأثاث بسيط فكان همه الوحيد هو المذاكرة فقط ولا شيء سواها، وذات ليلة إستيقظ على طرقات شديدة على باب منزله فوجئ بإحدى السيدات المسنات تطلب منه الإسراع بإحضار طبيب للفتاة التي تسكن بجوارها في نفس العمارة، وأسرع إلى شقة الفتاة وسألها عن الشيء الذي تشكو منه قالت له إنها تشعر بمغص شديد، فتذكر أن لديه بعض الكبسولات الخاصة بعلاج المغص، فأحضرها في سرعة وقام بإعطائها حبة منه.

ولم تمضي ساعتان إلا وقد ذهب عنها المغص فشكرته على خدمته، وعاد إلى منزله لإكمال نومه، وفي الصباح فوجئ بوجود باقة ورد على باب شقته مكتوب عليها “إلى صديقي العزيز شكرا لك” وفوجئ بذلك ولكنه لم يكترث، وواصل الدراسة في همّة ونشاط، وكان يتصل بأهله أسبوعيا للإطمئنان على والديه وزوجته، وفي يوم الإجازة الأسبوعي طرقت عليه الجارة الباب ودعته لتناول العشاء في منزلها، فتردد قليلا ولكنه قرر تلبية الدعوة، فإرتدى أجمل ملابسه وذهب إلى شقة جارته ولم يكن هناك سواه وسواها؟ فقدمت له الشراب فرفض وأمام الإلحاح الشديد والنظرات الثاقبة وافق، وبعد أن إنتهيا من العشاء سألها عن أصلها وفصلها وهل هي متزوجة أم لا؟ وما سبب سكنها بمفردها؟ فقالت له إن أباها وأمها قد توفيا منذ فترة وتركا لها مالا وفيرا وتزوجت من شخص ثم إنفصلت عن لسوء خلقه.

وسألته نفس الأسئلة ولكنه قال لها إنه غير متزوج وأن والديه علي قيد الحياة، وأراد أن يغادر الشقة لأن الساعة إقتربت من الثانية صباحا، ولكنها أبدت حزنها الشديد على مغادرته وطلبت منه الإنتظار، فقال لها إن لدي إمتحانا مساء غد ورأسي يكاد يتحطم من صداع شديد، فأسرعت إلى المطبخ وجلبت حقنة بها سائل أبيض، وقامت بحقنها إياه، فأحس براحة تسري في جسده وهنا حدث المحظور وعاشرها ونام معها، وإستيقظ على صوت الساعة معلنة الحادية عشرة صباحا، فهبط إلى شقته مسرعا للذهاب إلى الجامعة، وعندما عاد في المساء ظهرت عليه أعراض ذلك الصداع ولكنها كالمرة السابقة قامت بإعداد تلك الحقنة المريحة، وذهب لأداء الامتحان وإستمرت علاقته بتلك الفتاة مدة قاربت على الشهرين وفي كل ليلة تعطيه نفس الحقنة.

وفي إحدى الليالي جاء إليها متوسلا إعطاءه الحقنة قالت له إن هذه الحقنة ثمنها غالي جدا وليس لديها مال، فكتب لها شيكا بألف دولار لشراء حقنة ولكنها قالت له بأن هذه الحقنة ليست مباحة، ولكنها ممنوعة، وكاد أن يسقط مغشيا عليه من هول المفاجأة وسألها وماذا تكون، فقالت له في برود اليهيروين، فشتمها وصفعها على وجهها ولكن الصداع اللعين أبى مغادرة رأسه وسقط أمامها كالخروف يقبل أقدامها لإعطائه الحقنة، فقالت له اكتب لي شيكا بكل ما تملك وأنا أحضر لك ما تريد ودون أن يتردد كتب لها شيكا بالمبلغ المتبقي معه الذي أعطاها له والده، فأحضرت له الحقنة وقامت بحقنه فأحس بالراحة والاطمئنان، وإستمرت تحضر له الحقنة ثلاثة مرات في اليوم بدلا من مرة واحدة، ومر شهر وثاني وثالث وقلق والداه وزوجته عليه ولكن دون جدوى.

وبعد مرور أربعة أشهر قالت له أن المبلغ قد نفذ، فقال لها أنه لم يعد يملك ولا دولار واحد، فنظرت إليه بإشمئزاز ثم قالت له سأحضر لك ما تريد من الحقن على أن تقوم بتوصيل بعض الحقائب إلى أحد الأماكن، فهز رأسه مبديا موافقته، فأرسلت له الجامعة إنذارا بالفصل ولكنه لم يكترث بل إستمر في إيصال الحقائب بمعدل ستة حقائب يوميا، وإستمرت هي في حقنه الهيرون ولم يدر بخلده أن الحقائب التي يوصلها تحمل أكياسا من الهيروين والكراك، وبعد عام كامل قام والده بالإتصال بالسفارة للسؤال عنه، وقامت السفارة بالبحث عن عنوانه، وعندما وجدوه إكتشفوا الحقيقة وطلبوا منه الإستعداد للعودة إلى بلاده لأن الوضع لم يعد يحتمل، وقامت السفارة بإجراء فحوصات طبية له للتأكد من سلامته من الأمراض، ولكن وقعت الطامة الكبرى.

حيث ظهرت التحليلات تثبت أنه مصاب بمرض الإيدز، وأسرعت السفارة ببعث إشارة إلى المستشفى التي تقع في تلك المدينة طالبة منها تجهيز عربة إسعاف لنقله إلى حيث يتم الحجر عليه، وفي ثلاثة أيام إنتهت الإجراءات المتعلقة بسفره، ولم يخبروه بنتيجة الكشف، ولكن في صباح يوم السفر رأى كلمات مكتوبة على جدار دورة المياه “مرحبا بك في نادي الإيدز” فحاول أن يلقي بنفسه من الشرفة، ولكن قام رجال السفارة بتهدئته إستعدادا للسفر وبعد وصوله نقلته عربة الإسعاف إلى حيث يتم الحجر عليه، وبعد ذلك قامت المستشفى بإبلاغ والده بما جرى، فأصيب الأب بحالة هستريا شديدة، وعندما رأته الأم صرخت سائلة ماذا حدث؟ فلم يرد عليها سوى بثلاث كلمات أبنك لديه “ابنك لديه إيدز” فسقطت الزم مغشيا عليها، ثم حضرت زوجة الابن للإستفسار عن الذي جرى، ولم تري سوى الأب والأم ملقين على الأرض مغميا عليهما.

فإستدعت الإسعاف لنقلهما إلى المستشفى وبعد وصولهما إلى المستشفى قام الأطباء بإجراء اللازم ولكن وصلت مكالمة إلى المنزل من المستشفى الذي ينزل فيه زوجها طالبين من زوجته الحضور لزيارته لأنه طلب ذلك، فسألتهم عن كيفية وصوله لأنه على حد علمها أن يدرس في الطب، فصارحوها بالحقيقة فسقطت الزوجة فاقدة الوعي ومصابة بنوبة قلبية وإستمر المتحدث يصيح في الهاتف ألو ألو، ولكن ليس هناك أحد أسرع بإبلاغ الإسعاف والشرطة بما وقع فقاموا بكسر باب الشقة ليجدوها فاقدة النطق ولا تستطيع الحركة وعند وصولهم إلى المستشفى إكتشفوا أنها أصيبت بشلل رباعي، أما الوالدان فقد تقرر بقاؤهما في مستشفى الأمراض العقلية لأنهما أصيبا بالجنون وأغلق ملف هذه المأساة.

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

حقوق حراس الشريعة وحماة الدين

500 150 بقلم محمد الدكروري   الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظلم …