غزة تذبح… وصمت العرب جريمة أخرى
اسامه عبد الخالق
12 أغسطس، 2025
مقالات
عدد المشاهدات 5371 307
بقلم : اسامة عبدالخالق عبدالقادر
نائب رئيس رئيس مجلس ادارة جريدة وموقع صدى مصر
غزة اليوم ليست خبراً عابراً ولا صورة عابرة في شريط الأخبار، بل هي جرح الأمة
النازف، وميدان الاختبار الحقيقي لضمير العرب والمسلمين. منذ أشهر والاحتلال
الإسرائيلي يمارس أبشع جرائمه بحق الأطفال والشيوخ والنساء، قتلاً وتجويعاً
وحصاراً، حتى بات الجوع سلاحاً يُستخدم لإخضاع شعبٍ صامد.
تقارير المنظمات الدولية تؤكد أن المساعدات الإنسانية لا تدخل إلا بالقطرة،
وأن المستشفيات بلا دواء، والأسواق بلا غذاء، فيما يموت الصغار من سوء التغذية
وكبار السن من العطش والمرض. إنه حصار متعمد، ومجزرة متواصلة،
تُنفَّذ على مرأى ومسمع العالم كله.
لكن المأساة لا تكمن فقط في وحشية الاحتلال، بل في خنوع الأنظمة
العربية التي انشغلت عن غزة باللهو والبذخ، وبإنفاق المليارات على شراء
لاعبين وإقامة حفلات ومهرجانات وانفتاح لا أخلاقي، بينما دماء الفلسطينيين تُراق.
بعض العواصم سارعت إلى التطبيع وتوثيق العلاقات مع الكيان الصهيوني،
وأخرى أنفقت أموالها لدعم حلفائه في واشنطن، متناسية أن أول واجب
لها هو نصرة شعب تحت الاحتلال.
الإمارات تمد يدها في تعاون اقتصادي وأمني مع إسرائيل، والسعودية
تفتح أبوابها لمشاريع الترفيه والاستعراض بدلاً من أن تفتحها لدعم غزة.
أما الشعوب، فقد نفد صبرها، وامتلأت قلوبها غضباً من حكامها، خاصة في
القضية الفلسطينية التي كانت ولا تزال معيار الكرامة العربية.
اليوم، لم يعد الصمت ممكناً. التاريخ يسجّل، والأجيال القادمة ستحاكم
الجميع: من قصف وقتل، ومن خان وصمت، ومن باع القضية مقابل صفقات
ومنافع. غزة تنادي، فهل من مجيب؟
غزة اليوم ليست مجرد ساحةً للصراع العسكري؛ إنها
مرآةٌ تقرأ مآلات التحالفات، أولويات الأنظمة، وقياسات الضمير
العربي. إذا كان هناك درس واحد يجب أن نتعلّمه فهو أن
الصمت أو المظاهر الخاطئة لا تنقذ الضحايا؛ بل يُضاعف جراحهم.
شعوب المنطقة مطالبة أن ترفع صوتها، وأن ترفض أن تُحلّ
القضية الوطنية بقيم السوق والدبلوماسية الفارغة. إن لم
يتحرّك الضمير الرسمي — فسيظل الضمير الشعبي آخر
حصنٍ أمام مجازر تُمحى بها ذاكرة الأمة.