بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن ليلة القدر، ومن فضائلها أن الملائكة تتنزل فيها، وفيهم جبريل، يتنزلون بالخير والرحمة والبركة، فهم ملائكة رحمة يتنزلون بالخير والبركة ومن شأن هذه الليلة وبركتها أنها سلام حتى مطلع الفجر، فهي ليلة سالمة لا شر فيها بل كلها خير ونعمة وفضل وبركة، ومن شأن هذه الليلة أنه يفرق فيها كل أمر حكيم، أي يكتب فيها ما هو كائن من أعمال العباد إلى ليلة القدر الأخرى، والمراد بالكتابة هنا الكتابة السنوية، أما الكتابة العامة التي كانت في اللوح المحفوظ، فهي إنما كانت قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما صح بذلك الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ومن فضائل هذه الليلة ما ثبت عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال.
“من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” فهى ليلة عظيم شأنها، رفيعة مكانتها، عال قدرها، كثيرة خيراتها وبركاتها، والواجب علينا أن نقدر لهذه الليلة قدرها، وأن نعرف لها مكانتها وفضلها وبركتها، وأن نجتهد في تحري خيرها وبركتها بالجد والاجتهاد في العبادة، والإقبال على العبادة والطاعة، ولقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يستحث أمته، ويستنهض عزائمهم لتحرى بركة هذه الليلة وخيراتها الموفورة، وبركاتها العظيمة فالواجب علينا أن نتحرى هذه الليلة المباركة بالجد والاجتهاد في الطاعة، والإقبال على العبادة، والنصح لأنفسنا بالتقرب إلى الله عز وجل، فما أعظمها خسارة أن تمر هذه الليلة مضيّعة مهملة مفرّطا في ما فيها من خير أو بركة.
وما أعظمها من خسارة أن تمر هذه الليلة على المسلم ولا شأن لها عنده ولا مكانة لها في قلبه فيُحرم من خيرها وبركتها، وما أعظمها من خسارة أن تمر هذه الليلة والمرء مستمر في غيّه، سادر فى لهوه، مداوم على تفريطه وإضاعته، فإذا لم تتحرك القلوب إقبالا على الله عز وجل في مثل هذا الوقت المبارك، والموسم العظيم، فمتى عساها تتحرك؟ إذا لم تنب إلى الله وتتب إليه في مثل هذه الأيام فمتى تكون الإنابة ومتى تكون التوبة؟ فإن الواجب علينا أن نقبل على الله عز وجل إقبالا صادقا، تائبين إليه من ذنوبنا، سائليه سبحانه العافية، راجين رحمته، طامعين في فضله وعظيم ثوابه، وإن مما ينبغى أن نهتم به في هذه الليلة ليلة القدر الإكثار من الدعاء، ولا سيما ذلكم الدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم.
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ففى الترمذي أن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر أى ليلة هي، فماذا أقول؟ قال “قولى اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” فما أعظمها من دعوة مباركة وما أجملها في ليلة القدر المباركة، وهذه الدعوة مناسبة لليلة القدر غاية المناسبة لأن ليلة القدر كما تقدم معنا ” فيها يفرق كل أمر حكيم” أى يكتب فيها ما هو كائن إلى ليلة القدر الأخرى، فما أجمل أن يُقبل العبد في ليلة الكتابة على الله عز وجل يسأله العافية ومن أعطي العافية في هذه الليلة فقد أعطي الخير كله، ثم اعلموا أننا نعيش هذه الليالي والأيام أزمنة فاضلة، وأوقاتا شريفة مباركة.
صدى – مصر من مصر لكل العالم