فضيحة تهزّ قلب العمل النقابي في إسرائيل: سقوط الهستدروت في مستنقع الفساد”

 

تقرير علياء الهواري

في وقتٍ تتجه فيه أنظار إسرائيل إلى الجبهات العسكرية والسياسية، انفجرت في الداخل فضيحة مدوّية أعادت تسليط الضوء على الفساد المتغلغل

داخل مؤسساتها العمالية. فقد أعلنت وسائل إعلام عبرية عن اعتقال رئيس الهستدروت أرنون بار دافيد

وعدد من الشخصيات البارزة في الاتحاد العام للعمال،

على خلفية قضية فساد كبرى تتعلق بتلقي وتقديم رشاوى وتعيينات غير قانونية داخل الجهاز النقابي الأكبر في البلاد.

بحسب صحيفة يسرائيل هيوم، داهمت وحدة التحقيقات الاقتصادية في الشرطة الإسرائيلية مكاتب رئيس الاتحاد ومقارّ عدد من اللجان الفرعية،

بعد وصول معلومات عن شبكة معقّدة من المصالح المتبادلة بين قيادات نقابية ومسؤولين في شركات عامة وخاصة.

التحقيقات الأولية كشفت عن تعيين العشرات من المقربين سياسياً وحزبياً في وظائف داخل الهستدروت دون مؤهلات واضحة، مقابل دعم انتخابي وتمويل لحملات داخلية. كما تم العثور على مبالغ مالية كبيرة وهدايا فاخرة في منازل بعض الموقوفين.

صدمة داخل إسرائيل

الخبر نزل كالصاعقة على الشارع الإسرائيلي، إذ تُعدّ “الهستدروت” من أقدم وأقوى مؤسسات المجتمع الإسرائيلي، تأسست عام 1920 وشكّلت لسنوات طويلة العمود الفقري للحياة العمالية والسياسية في الدولة العبرية.
ويرى مراقبون أن الفضيحة الجديدة قد تمسّ بصورة إسرائيل كدولة “ديمقراطية مؤسساتية”، خصوصًا أن الهستدروت تُعد حلقة الوصل بين الحكومة وقطاعات العمال في مجالات الصحة والنقل والتعليم.
الحكومة الإسرائيلية اكتفت حتى الآن بتصريحات مقتضبة، فيما أعلن وزير العمل يوآف بن تسور أن “التحقيق جارٍ، وكل من تورط سيحاسَب، أياً كان موقعه”.
من جهته، نفى المتحدث باسم الهستدروت الاتهامات، مؤكدًا أن “التحقيق لا يزال في بداياته، وأن الاتحاد يلتزم الشفافية الكاملة”. لكنه امتنع عن التعليق على أنباء إيقاف بار دافيد عن عمله مؤقتًا لحين انتهاء التحقيق.

تأتي هذه القضية في توقيت حساس، حيث تواجه الحكومة الإسرائيلية موجة احتجاجات داخلية بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات، ما يجعل قضية الفساد الجديدة وقودًا إضافيًا لغضب الشارع.
ويرى محللون أن ما يحدث داخل الهستدروت ليس حالة معزولة، بل “انعكاس لبنية فساد أعمق” تمتد إلى المؤسسات الحكومية والنقابية على حد سواء، مشيرين إلى أن “الفساد الإداري بات الوجه الآخر للاحتلال، الذي يستهلك ميزانيات ضخمة ويُغرق الداخل الإسرائيلي في الفوضى الاقتصادية والاجتماعية”.

فضيحة الهستدروت تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حقيقية حول منظومة النزاهة في مؤسسات الدولة العبرية، ومدى قدرتها على محاسبة رموزها عندما تكون المصالح السياسية والنقابية متشابكة.
وفي ظل الصمت الحكومي والتوتر الشعبي، يبدو أن إسرائيل تواجه اليوم معركة داخلية لا تقلّ خطورة عن معاركها الخارجية — معركة ضد الفساد الذي ينخر مؤسساتها من الداخل.

شارك مع اصدقائك

عن .فرحه الباروكي

شاهد أيضاً

تنسيقية شباب الأحزاب: الانتخابات شهدت تطبيقا كاملا لتعليمات الهيئة الوطنية ومعايير الشفافية

عدد المشاهدات 5371 57   كتبت ياسمـين يسـري   تابعت غرفة العمليات المركزية بتنسيقية شباب …