فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا

كتب  اسامة عبدالخالق

قال قوم : إن من عادة العرب إذا ذكروا اسما معرفا ثم كرروه ، فهو هو .

وإذا نكروه ثم كرروه فهو غيره . وهما اثنان ، ليكون أقوى للأمل ،

وأبعث على الصبر قاله ثعلب . وقال ابن عباس : يقول الله تعالى

خلقت عسرا واحدا ، وخلقت يسرين ، ولن يغلب عسر يسرين .

وجاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذه السورة :

أنه قال : ” لن يغلب عسر يسرين ” …
.
وقال ابن مسعود : والذي نفسي بيده ، لو كان العسر في حجر ،

لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ولن يغلب عسر يسرين . وكتب أبو عبيدة

بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم ، وما يتخوف

منهم فكتب إليه عمر – رضي الله عنه – : أما بعد ، فإنهم مهما ينزل

بعبد مؤمن من منزل شدة ، يجعل الله بعده فرجا ، وإنه لن يغلب عسر يسرين ،

وإن الله تعالى يقول في كتابه : يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا

ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ..
.
وفيه مسائل :
* المسألة الأولى : وجه تعلق هذه الآية بما قبلها أن المشركين كانوا

يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، ويقولون : إن كان غرضك

من هذا الذي تدعيه طلب الغنى؛ جمعنا لك مالا حتى تكون كأيسر أهل مكة،

فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سبق إلى وهمه

أنهم إنما رغبوا عن الإسلام لكونه فقيرا حقيرا عندهم ، فعدد الله تعالى

عليه مننه في هذه السورة ، وقال : ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك )

أي ما كنت فيه من أمر الجاهلية ، ثم وعده بالغنى في الدنيا ليزيل عن قلبه

ما حصل فيه من التأذي بسبب أنهم عيروه بالفقر ، والدليل عليه دخول الفاء

في قوله : ( فإن مع العسر يسرا ) كأنه تعالى قال : لا يحزنك ما يقولون،

وما أنت فيه من القلة ، فإنه يحصل في الدنيا يسر كامل .
* المسألة الثانية : قال ابن عباس : يقول الله تعالى : خلقت عسرا واحدا

بين يسرين ، فلن يغلب عسر يسرين ، وروى مقاتل عن النبي عليه الصلاة

والسلام أنه قال : ” لن يغلب عسر يسرين ” وقرأ هذه الآية ، وفي تقرير

هذا المعنى وجهان :
– الأول : قال الفراء والزجاج : العسر مذكور بالألف واللام ، وليس هناك

معهود سابق فينصرف إلى الحقيقة ، فيكون المراد بالعسر في اللفظين

شيئا واحدا . وأما اليسر فإنه مذكور على سبيل التنكير ، فكان أحدهما غير الآخر..
– الوجه الثاني : أن تكون الجملة الثانية تكريرا للأولى ، كما كرر قوله :

( ويل يومئذ للمكذبين ) [المرسلات : 15] ويكون الغرض تقرير معناها

في النفوس وتمكينها في القلوب ، كما يكرر المفرد في قولك : جاءني زيد زيد ،

والمراد من اليسرين : يسر الدنيا وهو ما تيسر من استفتاح البلاد ،

ويسر الآخرة وهو ثواب الجنة ، لقوله تعالى : ( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا

إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ….. ) [التوبة : 52]: وهما حسن الظفر وحسن الثواب ،

فالمراد من قوله : ” لن يغلب عسر يسرين ” هذا ، وذلك لأن عمر الدنيا

بالنسبة إلى يسر الدنيا ويسر الآخرة كالمغمور القليل ، وههنا سؤالان:
= الأول : ما معنى التنكير في اليسر ؟
جوابه : التفخيم ، كأنه قيل : إن مع اليسر يسرا ، إن مع العسر يسرا عظيما ، وأي يسر ..
= السؤال الثاني : اليسر لا يكون مع العسر ، لأنهما ضدان فلا يجتمعان ؟.
الجواب : لما كان وقوع اليسر بعد العسر بزمان قليل ، كان مقطوعا به فجعل كالمقارن له ….

شارك مع اصدقائك

عن اسامه عبد الخالق

شاهد أيضاً

وفد من المشاركين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم في زيارة لعددٍ من المعالم الثقافية والحضارية بالعاصمة الجديدة

500 118 كتب: رضا الحصري زار عدد من المشاركين في المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن …