لا تقدموا بين يدي الله ورسوله
.فرحه الباروكي
21 يوليو، 2025
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 114
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن الإنسان هو المتمرد الوحيد على الله تعالي، فهو الذي خلقه ورزقه، وهو يكفر به، وليس هناك عمى وضلال أكثر من هذا، فهو يعلم أنه مخلوق مربوب لله تعالي، ومع ذلك يسأل عن وجود الله عز وجل، لا لشيء إلا ليواصل الجرائم والموبقات والضلال والفساد، لا أقل ولا أكثر لأنه لم يعرف كتاب الله تعالي، وأما عن سبب نزول قول الحق سبحانه وتعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله” هو أنه كان القرآن الكريم ينزل للمناسبات علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، ولوجود أسباب تقتضي هذا، وهذا النداء نزل لسبب، وهو وإن كان نزوله لسبب إلا أن هذا لا يمنع عمومه للبشرية كلها.
إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإنما معرفة السبب تزيد في معرفة النور والهداية والبصيرة، وهو كما رواه الإمام البخاري رحمة الله تعالى عليه،
أن وفدا من بني تميم وهم قوم من شرق الجزيرة العربية، والوفد هو مجموعة من الفحول، عشرة أو عشرين أو مائة، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمّر القعقاع بن معبد، أي أن هذا الوفد لما قضى حاجته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصبحوا رسل دين وأمة إسلامية يبلغون من وراءهم رسالة الإسلام، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يا رسول الله، أمر عليهم القعقاع بن معبد، أي بمعني اجعله أميرا عليهم فيكون قائدهم، فقد رآه شخصية وافية صالحة، فقال هذا يصلح للإمارة، مع أنهم كلهم فحول وكلهم رجال وكلهم ذوو عقول.
ولو نظرنا إلي حالنا اليوم فقد هبط المسلمون وتمزقوا لأنهم لم يعرفوا معنى الإمارة ولم يعرفوا أنه ” لا يحل لثلاثة أنفار أن يسافروا إلا ويؤمروا عليهم أحدا” وهم إذا أمروه يضحكون عليه ويسخرون منه، ويقولون هذا غبي وهذا كذا وهذا عميل، ولم يعرفوا أن عليهم أن يطيعوه طاعة عمياء، فلا يحل الخروج عليه، ولا الخلاف فيه أبدا حتى يستقيم أمرهم، وتتم حاجتهم، ويعودون إلى ديارهم، والمسلمون لم يعرفوا هذا، فتجد أهل قرية فيها خمسة آلاف شخص لا تجمعهم كلمة، ولا يتفقون على شيء، ولهذا لن يأتي الكمال والسعادة، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر عليهم الأقرع بن حابس، أي خلاف قول أبي بكر رضي الله عنه، وهذه وجهة نظر من الشيخين، وهما وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيمن والأيسر، فأبو بكر رأى أن يؤمر عليهم القعقاع.
وعمر رأى أن الأقرع بن حابس أولى بالإمارة حتى يطاع، وإذا أطيع مشت القافلة والمسيرة، وهنا نقول أنه يجب على أهل القرية وجوبا ألا يختلفوا في أمرهم، وأن يكون شيخهم هو إمامهم ومفتيهم ومرجعهم، فلا يختلفون عليه أبدا، وإن إختلفوا فهم عصاة فسقة، وإذا رجعوا إلى أميرهم وهو شيخهم إنتهى الخلاف والفرقة لأنه إذا أمرهم فأطاعوا، ونهاهم فانتهوا أصبحوا جسما واحدا، ولن يبقي خلاعة ولا خبث، ولا تلصص ولا إجرام، ولا أي شيء أبدا، بل يصبحون جسما واحدا، وهكذا جاء الإسلام، فقال أبو بكر الصديق لعمر رضي الله عنهما ما أردت إلا خلافي، أي أحببت أن تخالفني وإلا فالقعقاع بن معبد أولى، وهذه فطرة الإنسان، وقد كان أبو بكر وعمر يتنافسان أيهما يكمل ويسعد قبل الآخر، ولما دعي الصحابة إلى التصدق أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله.
وظن أنه هزم أبا بكر الصديق، وإذا بأبي بكر رضي الله عنه يأتي بكل ماله، فقال عمر من الآن لا أنافسه، ولا أستطيع منافسته، فقال عمر وهو يرد علي أبي بكر رضي الله عنهما، ما أردت خلافك، ولكن هذه وجهة نظري، فتماريا أي تجادلا حتى إرتفعت أصواتهما وسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية الكريمة “” يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ” أي يا من آمنتم بالله ربا وإلها، لا رب غيره، ولا إله سواه، وبالإسلام شرعا ودينا، لا يقبل شرع ولا دين سواه،