مافيا التسول في مترو الأنفاق جريمة منظمة تشوّه وجه مصر الحضاري
اسامه عبد الخالق
6 أغسطس، 2025
مقالات
500 353
بقلم: أسامة عبد الخالق عبد القادر
في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية نحو التنمية والتحضر وبناء صورة حضارية
أمام العالم، تطفو على السطح ظاهرة قبيحة تتسلل إلى حياتنا اليومية بكل بجاحه
داخل أحد أهم وسائل المواصلات الجماهيرية… مترو الأنفاق. هذا الشريان الحيوي
الذي يخدم الملايين من المصريين يوميًا، بات مسرحًا مفتوحًا لمافيا متخصصة في
التسول المنظم، حيث يتحول الركاب من مواطنين إلى أهداف مباشرة للابتزاز
العاطفي تحت شعارات كاذبة ودموع مصطنعة.
المتسولون: بين الاستعطاف والاحتيال
لم يعد الأمر يتعلق بشخص فقير اضطره العوز لطلب المساعدة، بل تطور ليصبح
منظمة من المتسولين، تظهر عليهم علامات الاحتراف والتكرار. تجد أحدهم يدخل
العربة بإلحاح مزعج، يروي قصة مكررة عن “مرض طفل”، أو “حاجة عاجلة لإجراء
عملية”، بينما آخر يدفع أمامه طفلاً صغيرًا أو فتاة يتيمة الملامح، يُستغلون دون
رحمة لاستدرار عطف الركاب.
ويأتي بعضهم مصطحبًا مكبرات صوت رديئة الجودة، يرفعون بها القرآن أو الأناشيد
في بداية الأمر، ثم ما يلبثون أن يطلبوا المال، ملوحين بـ”الأجر والثواب”.
الأساليب تتطور… ولكنها مفضوحة
-
متسول يرتدي زي مريض ويحمل تقارير طبية “مزورة” أو “مكررة”.
-
سيدة تصرخ وتبكي بحرقة في كل عربة بقصة وهمية مختلفة.
-
أطفال “مدربون” على البكاء والتمثيل.
-
أشخاص يعيدون نفس المسرحية يوميًا في الخطوط المختلفة.
-
بعضهم يستخدم عربات المكفوفين أو كبار السن زيفًا لطلب المساعدة.
هذه الظاهرة لا تُعبّر عن حالة فردية بل هي جريمة ممنهجة، تنتمي إلى الجرائم
الاجتماعية المنظمة، يتم فيها استغلال الضعفاء، ويُجنّد فيها الأطفال القُصَّر، وهو
ما يستدعي تدخلاً عاجلًا من الدولة والمجتمع معًا.
الآثار الكارثية على المجتمع
-
تشويه صورة مصر أمام السياح والزوار الأجانب الذين يستخدمون المترو.
-
الإضرار بالفقراء الحقيقيين الذين تُفقد قضيتهم المصداقية.
-
خلق بيئة فوضوية تعيق الشعور بالأمان داخل المترو.
-
استغلال الأطفال في أعمال التسول، مما يهدد حياتهم النفسية والاجتماعية.
-
نشر ثقافة الاتكالية بدلاً من ثقافة العمل.
أسباب الظاهرة
-
غياب الردع القانوني الحازم داخل محطات المترو.
-
تعاطف المصريين العاطفي دون تحقق أو وعي.
-
استغلال بعض العصابات للأطفال والنساء.
-
ضعف الرقابة الأمنية في بعض الأوقات.
-
عدم وجود حملات توعية مستمرة بخطورة التسول المنظم.
الحلول الممكنة للقضاء على مافيا التسول في المترو
-
تشديد الرقابة الأمنية في عربات ومحطات المترو وتخصيص أفراد أمن لمتابعة الظاهرة.
-
تفعيل العقوبات القانونية على المتسولين والمنظمين لهم وفقًا لقانون مكافحة التسول.
-
إطلاق حملات إعلامية وتوعوية لتوعية المواطنين بعدم التبرع في الشارع والتعامل
-
فقط مع الجمعيات الرسمية.
-
فتح خط ساخن للإبلاغ الفوري عن المتسولين داخل المترو.
-
دمج المحتاجين الحقيقيين في برامج التكافل الاجتماعي التابعة للدولة.
-
ملاحقة المتسولين المحترفين قضائيًا، خاصة من يكررون الأفعال باستخدام الأطفال.
-
تركيب كاميرات مراقبة داخل العربات لرصد أي مخالفات أو تجاوزات.
رسالة إلى المواطن المصري:
لا تكن شريكًا في الجريمة! حين تعطي مالاً لمتسول محترف، فأنت:
-
تساهم في بقاء الأطفال في الشارع.
-
تدعم استغلال الإنسان للإنسان.
-
تساعد على استمرار ظاهرة قبيحة تسيء لوطنك.
لن تنهض الأمم طالما سمح المجتمع بتمدد السلوكيات السلبية داخل مؤسساته
الحيوية. مترو الأنفاق ليس وسيلة تنقل فحسب، بل هو وجه حضاري لبلد بحجم
مصر. فلنتكاتف جميعًا: دولة، مجتمع مدني، وإعلام، للقضاء على هذه المافيا
المتسولة، واستعادة كرامة المكان والمواطن.