صدى – مصر من مصر لكل العالم
مقالات مشابهة
متى تعرفون أنى جوهرة …؟؟؟
سـقـطـت خـزانـة الـمـصـوغـات من بـيـن يـدىِّ الـجـوهــرجــى ….. وانـفـرطت حـبـات عـقـد الـمـجـوهـرات ـــ وكأنـهـا فـى سـبـاق مـحـمــوم ـــ عـلـى الأرض …. بـاتـجـاه كل ركـن مـن أركـان مـحـل الـمـجـوهـرات
انــدفـع الـجـوهــرجــى يـركـض خـلـفـهـا ركـض الـطـريـدة الـتـى الـتـف الأســود حـولـهـا … يـبـحـث فـوق الأرفـف …. وتـحـت الأرائــك …. وبـيـن فـراغـات الـجـدران
لـكـنـهـا الأقــدار دائــمـًا مـا تـقـرر الـمـصـائـر …. وتــرسـم الــخــُطـا …. وتـحـدد الـمـسـارات الــتـى لا مـفـر مـن أن يـسـيـر الـجـمـيـع ُ فـى أطــُرهـا الـمـحـددة …..
يـالـهـا مـن خـسـارة ٍ فـادحـة …. قـابــلـهـا الــجـوهـرجــى بـرعـونـة أفــدح …. عــنـدـمـا اســتـجـاب وخـنـع لـلـيـأس والـقـنـوط …. وقـرر الـتـوقـف عـن مـهـمــة الـبـحـث عـن [ واسـطـة عـقـد الــمـجــوهـرات ] رغـم أنـه الـوحــيـد الـذى يـعـرف قـدرهـا ومـقـدارهـا
لـطـالـمــا اســتـغـاثـت الـجـوهـرة بـعـامــل الـنــظـافـة قـبـل أن يــلـقـى بــهـا فـى صــنـدوق الـقـمـامــة … ويـجــرفـهـا مـع أكـوام الـزبالـة … والـقـاذورات …. والأوسـاخ وهـى تصـرخ بلا جـدوى :
تـوقـف أيـهـا الـعـامـل الـطـيـب …. أنـا الــجـوهــرة … !!!
تـوقـف أيـهـا الـعـامـل الـطـيـب …. أنـا الــجـوهــرة … !!!
ألا تـعـرفـنـى أيـهـا الــغـبـى الأحـمـق …؟؟؟
لـيـتـك تـدرك ما كـنـت سـأمـنـحـه لـك من قــدر ومـقــدار …. مـتـى سـاعـدتـنـى عـلـى الـخــروج من هـذا الـمـسـتـنـقــع الـمـتـدنـى …. وأنـقــذتـنـى من بـراثـن تـلـك الـصـراصـيـر والـحـشـرات القذرة …
أرجـوك …. لا تــخــذلــنـى ….
فهــا أنــا أفــتـح لك ذراعـىَّ عـلـى مـصـراعــيـهـمـا … وأدعـوك لأن تــعـقـد صـفـقـة الـعـمـر مـع الـحظ …..
فـأنـا وأنت فـى حـاجــة لأن نـطـفـوا عـلـى سـطـح الـحـيـاة …..
وأن يــتـبـوأ كلانــا مــا يـسـتـحـقـه من الـرفـعـة والـكــرامـة
لـكـن عـامـل الــنـظـافـة عـلـى مـا يـبـدو عـلـيـه مـن الإجـهـاد والــتـعـب لــم يـدخـر ـــ حــتـى فـى الأحـلام ـــ آمـالا ً وطـمـوحـات ٍ تـخـرجــه مـن هـامـش الـحـيـاة ….
حــتـى أنـه فـى هـذه الـمـرة الـعـاثـرة لــم يـفــتـش فـى الـقـمـامـة كـعـادتـه ….. بـدافـع مـن سـوء الـحـظ والـطـالـع الـذى غـالـبـًا مـا يـلازمـه ملازمـة الـصـديـق الـوفـى
اكــتـفـى عـامـل الـنــظـافـة بـبـعـض قــطـع الـخـبـز الـيـابـسـة ….. الـتـى كانـت فـوق تـل الـقـمـامـة الـمـتـعـفـن …. فـهـى آخـر مـا يـصـبـو إلـيـه مـن طـمـوحـات ٍ … وآمـال ٍ … فـى نـهـابـة كل يــوم غـالـبـًا ….
ثـم انصـرف غـيـر آبــه ٍ بـصـوت الـحــظ الـذى يـنـاديـه مـن تـحــت أكـوام الـقـمـامـة
ذهـبـت آخـر مـحـاولات الـجـوهـرة لـلـخـروج مـن مـســتـنـقـع الــقـمـامـة أدراج الـريـاح ….. وهـى تـصـرخ تــحـت أكـوام الـقــمـامــة مـسـتـغـيــثـة بـالــمـارة ورواد الــطـريـق
…. ألا تـبــًّا لـكـم أيـهـا الأغـبـيـاء الــحـمـقـى ..!!!
ألا يـوجــد مـن بـيـنـكـم مـن يــعـرفــنـى ….؟؟؟
سـاعـدونـى كـى أتـبــوأ مــقـعـدى مـن الـرفـعــة والــفـخـار …
أزيـحـوا عـنـى قــمـامـتــكــم …. وزبـالــتـكـم ….
أعـرف أنـنـى إن خـرجـت يـومـًا مـا …. من هــذا الــمـســتـنــقـع الــبـغــيـض
لـسـوف تـتـسـابـقـون إلى حـمــلـى فـوق رءوسـكـم الــفـارغة
وتـتـســولـون ولــو صـورة تـذكاريــة بـجـوارى
فـى حـيـنـهـا … ربـمـا أكـون قـد تـبـوأت قـدرى ومـقـدارى الــذى تـتـجـاهـلـونـه عـن عـمـد
فـسـامـحــونـى إن تـجـاهــلــتـكـم حـيـنـهـا
وفـجـأة …… انــتـبـهـت الــجـوهــرة لـوقـع أقــدام جــيـش مـن الـصـراصـيـر الـلـيــلــيــة … تــركلـهـا إلى الـيـمـيـن تـارة …. وإلى الــيـسـار تــارة أخــرى …..
تـقـدم أحـد الـصـراصـيـر فـى حـنــق ٍ … وغــيـظ ٍ شـديـديـن …. وهـو يـمـسـح فـيـهـا شـواربـه الـمـتـسـخـة بـأقــذار الـمـرحـاض …. مـســتـفـزًا صـبـرهـا وقـدرتـهـا عـلـى الـتــكـيـف مـع هـذا الاسـتـفـزاز :
ومـا إن انــتـهــى الـصـرصـار مـن تـغـذيــة دوافـع الــنـقـص لــديـه ….. حــتـى جـاءت الــذبـابـة … وكأنــهـا لـم تـجــد مـكـانـــًا سـانــحــًا لـتـقــضـى حـاجـتـهـا إلا فـوق رأس الـجـوهــرة
صـرخــت الـجـوهـرة صـرخـة ً مـدوِّيـة وهـى تـنـدب حـظــهـا الـعـاثـر – ….. وتـــنـادى مــن تـحـت أكــوام الـزبـالـة والـقـاذورات …… بـصـوت تـمـلـؤه الـحـســرة والـيـأس :
مـتـى تـعـرفـون …. أيـهـا الأغـبـيـاء .. أنــى جـوهـــرة ..؟؟؟؟
مـتـى تـعـرفـون …. أيـهـا الأغـبـيـاء .. أنــى جـوهـــرة ..؟؟؟؟
مـتـى تـعـرفـون …. أيـهـا الأغـبـيـاء .. أنــى جـوهـــرة ..؟؟؟؟
بقلم بدرى شحات قرقار
