بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا،
أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه،
وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين
ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن الجدال،
وعواقب الجدال، وقال الإمام أبو حنيفة لداود الطائي لما آثرت الانزواء؟
قال “لأجاهد نفسي بترك الجدال” فقال احضر المجالس، واستمع ما يقال، ولا تتكلم، قال “ففعلت ذلك فما رأيت مجاهدة أشد علي منها” وهذا الذم يتناول الذي يخاصم بالباطل والذي يخاصم بغير علم.
وإن المراء والجدال داء خطير على الفرد والمجتمع والأمة، ولا يأتي إلا بسبب الكبر وإعجاب المرء بنفسه، وأول ما عصي رب العباد سبحانه وتعالى كان عن طريق الكبر، فقد أبى إبليس أن يسجد لأبينا آدم ويأتي تحت عنوان الكبر أن الإنسان قد يتكبر على الأمر، ويتكبر على قبول الموعظة، ويتكبر على قبول النصيحة، ويتكبر عن الرضوخ للحق والمصلحة، وانظروا إلى حياتنا اليوم، فإنها جدال ومراء بين الآباء والأبناء، والبنات والأمهات، والأخوة والأخوات، وهناك مراء وجدال بين الأصحاب والأصدقاء وفي العمل وفي الشارع، وجدل بين السياسيين، وجدال ومراء الرياضيين ومشجعي الفرق، وعلى الفضائيات والإنترنت كلها جدل ومراء وخصومات وطمس للحقائق وكذب وتزوير فأورث ذلك الشحناء والبغضاء والخصومات وقسوة القلوب وفسادها.
وحرمان الأجر، وكثرة القيل والقال وقلة العمل، وقال محمد بن الحسين رحمه الله ” وعند الحكماء أن المراء أكثره يغيّر قلوب الإخوان، ويورث التفرقة بعد الألفة، والوحشة بعد الأنس” ويقول الأوزاعي رحمه الله “إذا أراد الله بقوم شرّا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل” وقال معروف الكرخي رحمه الله “إذا أراد الله بعبد شرا، أغلق عنه باب العمل، وفتح عليه باب الجدل” وقد يكون المراء والجدال بسبب حب الإنتصار والإنتقام من الآخرين حسدا وحقدا عليهم، وقد كان الشافعي رحمه الله يقول “ما كلمت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما كلمت أحدا قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أولسانه” فإن الجدال الذي يكون على وجه الغلبة والخصومة والإنتصار للنفس ونحو ذلك هو مذموم منهي عنه، وعليه تحمل الأدلة التي تنهى عن الجدال.
كقوله صلى الله عليه وسلم “ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل” ثم تلا قوله تعالى ” ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ” رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، ولا يكون الجدال محمودا إلا إذا تعلق بإظهارِ الحق، وقد أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ” وجادلهم بالتي هي أحسن ” وإن أقبح صور الجدال والمراء هو الجدال عن الباطل، وقد جاء التحذير لمن يسخر علمه وما حباه الله من الموهبة والفطنة في خدمة الباطل ونصرة أهله، ومنها الجدال في الله عز وجل أوفي آياته بغير علم ولا هدى، ومنها الجدال في القرآن الكريم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المراء في القرآن كفر” رواه أبو داود، وأسأل الله تعالي أن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه.
وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يفقههم في الدين، وأن يرزقهم النشاط المتواصل لمعرفة أمور الدين والتعلم والرغبة فيما عند الله، كما نسأله سبحانه أن يولي عليهم خيارهم، وأن يصلح قادتهم، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين في كل مكان لتحكيم شريعة الله والرضا بها وإيثارها على ما سواها، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتبا
عه بإحسان.
صدى – مصر من مصر لكل العالم