موسي عليه السلام ( الأولي )

موسي عليه السلام ( الأولي )

كتب / حسام العجمى 

جاء في كتاب الكامل في التاريخ أنّ ابن يعقوب يدعى: لاوي، وأنّ زوجة عمران أي والدة موسى تُدعى يوكابد.

مولده
كان لدى بني إسرائيل ملك طاغية يدعى فرعون، وقد شاع بين بني إسرائيل أنّ الله سيبعث من نسل إبراهيم نبيًّا يكون هلاك ملك مصر على يديه، فوصل ذلك الخبر إلى فرعون فأمر بقتل كلّ ذكرٍ يولد من بني إسرائيل.
في ذلك الوقت أذن الله -تعالى- بولادة موسى عليه السلام، فأخفت والدته حملها عن النّاس، وبقيت كذلك إلى أن ولدت به
فألهمها الله -تعالى- أن ترضعه وتشبعه ثمّ تضعه في تابوتٍ صغير وتلقي به في البحر الموجود أمام منزلها؛ إذ كان بيتها على شاطئ البحر أو ربّما هو نهر النيل،
وفي ذلك قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِىٓ ۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ لْمُرْسَلِينَ}
ثمّ تربط ذلك التابوت بحبلٍ؛ لتتمكّن من إرضاعه متى شاءت، وفي الوقت نفسه تخفيه عن أعين أعوان فرعون.وبقي التابوت مربوطًا في الحبل إلى أن انقطع، ودفعت الأمواج به إلى جانب قصر فرعون.
فالتقطت الجواري التابوت وأخذنَه إلى سيّدتهنّ آسيا بنت مزاحم زوجه فرعون فأحبّت موسى حبًّا شديدًا، وطلبت من زوجها فرعون أن يبقيه لها، وبسبب توسّلاتها وافق على بقائه ولم يذبحه.
بدأت آسيا بالبحث عن مرضعة للوليد الجديد، ولكنّ موسى لم يقبل الرضاعة من أحد، وباءت جميع المحاولات بالإخفاق، وكانت أمّ موسى قد بعثت ابنتها لتتبّع أثر موسى، ولمّا عرفت بأمر الرضاعة، فقابلت الجواري بالسوق أثناء بحثهن عن مرضعة لموسي ، فأرشدتهن إلى منزل أمّ موسى، وعندما أرضعته قبِل الرضاعة منها
واتّفقت مع آسيا بإبقاء موسى عندها؛ لعدم قدرتها على المبيتِ في القصر لحاجةِ زوجها وأولادها لها، وبذلك بقي موسى تحت جناح والدته وأوفى الله بوعده لها وأقرّ عينها به.

قتل القبطي
كبر موسي وصار شابا معروفا بين الاسرائيلين و الفرعونيين و ذات ليله كان موسي في زياره لأمه يوكابد وأثناء مروره في طُرُق المدينة في وقت خلت فيه الطرقات من الناس وجد رجلين يقتتلان، أحدهما إسرائيلي والآخر فرعوني الذي كان يريد أن يسخِّر الإِسرائيلي في عمل،.
فأبي الإِسرائيلي. والذي ما إن رأى موسى حتي استغاث به، فجاء موسى فوكز الفرعوني وكزة فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله-
قال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين}
أصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب، يمرّ في طرقاتها على حذر. وبينما هو في طريقه إذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه مرة ثانية،
فأقبل عليه موسى وقال له: {إنك لَغَوي مبين}، أي: صاحب فتن ورجل مخاصمات، ومع ذلك أخذته حماسة الانتصار للإِسرائيلي، فأراد أن يبطش بالذي هو عدوّ لهما، لكنّ الإِسرائيلي ظن أنه يريد أن يبطش به فَلَمَّا
فقَالَ: يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (سورة القصص، الآية 19)

فالتقط الناس كلمة الإِسرائيلي وعرفوا منها أن موسى هو الذي قتل الفرعوني بالأمس. وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني. فتذاكر آل فرعون في أمر موسى والقصاص منه.
فأتى موسى أحد الأشخاص وحذره من ان القوم الذين يتأمرون عليه لقتله وأخبره بأن عليه أن يهرب ويترك المدينة ..

هروب موسي
أسرع موسي بالفرار مقررا الذهاب الي مدين حيث سلالة من الأسرة الإِبراهيمية منحدرة من مدين “مديان” بن إبراهيم – أحد أعمام بني إسرائيل -، ولعله قصدها عامداً لعلمه بصلة القربى مع أهلها
غادر موسي البلاد وسار بلا ماء ولا زاد، وكان يقتات بورق الأشجار، حتى وصل إلى مدين و لقي من التعب في الطريق ما جعلَ قواه تخور فجلس بجانب بئر ماء يستريح من عناء السفر، فلاحظَ وجودَ فتاتين ترعيان الأغنام، وتحتاجان إلى إزالة حجرٍ كبيرٍ لسقاية الأغنام؛ فذهب موسى إليهما لمّا شعر أنّهما بحاجةٍ للمساعدة، وأزال الحجر وسقى لهما الأغنام.

عادت الفتاتان إلى منزل أبيهما وحدّثتاه عن شهامة موسى وما فعل لأجلهما؛ فطلب من إحدى الفتاتين إحضار موسى إليه؛ ليشكره على ما فعل،
فجاء موسى وقصَّ على والد الفتاتين قصّته، وكان جواب الوالد على ذلك قوله كما في سورة القصص: {قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ}.
اقترحت إحدى الفتاتين على والدها أن يستأجر موسى -عليه السلام- ليرعى لهم الأغنام بعد الذي شاهدوه من قوتّه وأمانته، ولا سيّما بعد ما طلب من الفتاة أن تمشي خلفه وترشده إلى الطريق بدلًا من أن تمشي أمامه، فعرض والد الفتاتين أن يزوجه إحدى الفتاتين وتدعى صفورا -وهي التي ذهبت إليه لإحضاره- مقابل أن يرعى لهم الغنم ثماني سنين، فقبل موسى وأقام عنده وتزوج ابنته.

كليم الله
في ليلةٍ من الليالي ، أراد موسي أن يُشعل نارًا ليتدفّأ بها مع أهله وزوجته التي كانت في المخاض، وكانت تلك الليلة -كما ذكر ابن كثير- ليلة مطرٍ ورعدٍ وبرق، حاول موسى بطرقٍ كثيرةٍ إشعال النار لكنّه باء بالفشل،
فما إن اشتدّ ظلام الليل حتّى رأى موسى -عليه السلام- ضوء نارٍ من بعيد، فاستبشر بذلك خيرًا؛ فلعله يأتي منها بقبسٍ، أو يجدَ أحدًا يدلهُ على الطريق.
اقترب موسى من النّار؛ فإذا بوحيٍ من الله -تعالى- يناديه بما ورد في قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ * إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}.
وقد أوحى الله -تعالى- لموسى أن يذهب إلى فرعون ويدعوه إلى توحيد الله، ولكن وبسبب عقدةٍ في لسان موسى؛ طلب موسى من ربّه أن يبعث معه أخاه هارون فهو أفصح منه لسانًا.

موسي و فرعون
سار موسى وأخوه هارون -عليهما السلام- إلى مصر لمقابلة فرعون، وعرّفه موسى بنفسه بأنّه رسول الله إليه،
فقال فرعون لموسى: أرني ما لديك من آياتٍ ومعجزات إن كنتَ صادقًا،
فرمى موسى عصاه إلى الأرض فإذا بها تتحوّل إلى ثعبان، ثمّ أراه موسى آيةً أخرى؛ فأدخل يده في جيبه فتحوّلت إلى بيضاء ناصعةٍ منيرة، لدرجة أنّ فرعون لم يستطع النظر إليها من شدّة توهجها.
وبعد ما رأى فرعون ما رآه من آيات موسى، ظنّ بأنّ موسى ساحر؛ فبعث بطلب السّحرة العظام في مصر لمبارزة موسى عليه السلام، وقد اختلف الأقوال حول عددهم،

يوم الزينه
جمع فرعون السحره بموسى وأخيه، فألقى السحّرة ما بيدهم من حبال وعصيّ، فإذا بها تتحول إلى حيّاتٍ تسعى، فألقى موسى عصاه؛ فتحوّلت إلى ثعبانٍ عظيمٍ بلع كل ما حوله من ثعابين السّحرة، ثمّ أعادها إلى يده، فرجعت إلى هيئتها الأولى
، فأقرّ رئيس السّحرة -وكان أعمى- بأنّ هذا ليس بسحر. فآمن نتيجة ذلك السحرة جميعًا، وسجدوا لربّ العزّة،

فااجأ فعل السحرة الطاغية فرعون، ونهرَهم بعد أن آمنوا من دون إذنه، وهددهم بصلبهم في جذوع الشجر، كما هدّدهم بقطع أيديهم وأرجلهم، ولكنّهم لم يخافوا من ذلك، بل أصروا على أنْ يؤمنوا بربِّ موسى وهارون، كما طلبوا من الله -تعالى- أن يغفرَ لهم ما تقدّم من ذنوبهم.

يتبع
#حسام_العجمي
المصادر
أنبياء الله
البدايه والنهايه
ويكيبديا

طوي الوادي المقدس

شارك مع اصدقائك

عن remon

شاهد أيضاً

رفح على مفترق الأمل والخطر: بين وعود إسرائيل ونفي القاهرة

500 195 بقلم علياء الهواري معبر رفح، البوابة الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي، عاد …