نعمة الإيمان واليقين لا تعدلها نعمة
محمد البحيري
22 سبتمبر، 2025
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 83
بقلم محمد الدكروري
الحمد لله رب العالمين الذي شرح صدور أهل الإسلام للهدى، ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله أحدا، فردا صمدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ما أكرمه عبدا وسيدا، وأعظمه أصلا ومحفدا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام صلاة وسلاما دائمين إلى أن يبعث الناس غدا ثم أما بعد أيها المسلمون إن نعمة الإيمان واليقين لا تعدلها نعمة لأن الذي من الله تعالي عليه باليقين فإنه يذوق حلاوة الإيمان ويلتذ بالطاعة ويأنس بذكر الله عز وجل ويبتعد عن المعصية ويستغل حياته برضا وإطمئنان وسكينة وإنشراح فاليقين عبادة عظيمة وعمل من أجل أعمال القلوب التي هي الأساس وأعمال الجوارح لها تبع لقول النبي “إنما الأعمال بالنيات” والقلب هو ملك الجوارح وهي له تبع فإن صلح صلحت سائر الجوارح.
وإن فسد فسدت والعناية بأعمال القلوب مهمة وعظيمة، فإذا صلحت القلوب صلح الحال وحصل الصدق مع الله تعالي، ونال العبد درجة اليقين، واعلموا يرحمكم الله إن اليقين شعبة عظيمة من شعب الإيمان وصفة من صفات أهل التقوى والإحسان، حيث قال الله سبحانه وتعالي كما جاء في سورة لقمان ” الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ” واليقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل، وقال الإمام البيهقي اليقين هو سكون القلب عند العمل بما صدق به القلب، فالقلب مطمئن ليس فيه تخويف من الشيطان ولا يؤثر فيه تخوف، فالقلب ساكن آمن ليس يخاف من الدنيا قليلا ولا كثيرا، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة.
والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا من قلبه وبدنه، وقال “صاحب الظلال” والذي يجد راحة اليقين في قلبه يجد في الآيات مصداق يقينه، ويجد فيها طمأنينة ضميره، فالآيات لا تنشىء اليقين، إنما اليقين هو الذي يدرك دلالتها ويطمئن إلى حقيقتها، ويهيئ القلوب للتلقي الواصل الصحيح، ولأهمية اليقين فقد نبه الله تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الركون إلى أهل الشك ومن ليس لديهم اليقين الكامل بالله رب العالمين، حيث قال تعالى في سورة الروم ” فاصبر إن وعد الله حق ولا يسخفنك الذين لا يوقنون ” كما أمره بمداومة العبادة حتى يأتيه اليقين التام بلقاء ربه والفوز بمرضاته حيث قال تعالى ” فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتي يأتيك اليقين ” واليقين عده البعض الإيمان كله، وقال بعض السلف الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله.
وقال ابن القيم رحمه الله اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم، وعن الحسن أن أبو بكر الصديق خطب الناس فقال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرا من اليقين والمعافاه فسلوهما الله عز وجل ” رواه أحمد، ولهذا قال أبو بكر الوراق رحمه الله ‘اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله، وبالعقل عُقل عن الله ” ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ” ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا