كتب : احمد سلامة
تثير قصة معرفة المصريين القدماء للطيران وغزو الفضاء ووصولهم الى القمر والقصص المتداولة بان رواد الفضاء الغربيين اكتشفوا اهرامات على سطح القمر دهشة الكثير مما دعى البعض الى كثرة الاسئلة للمتخصصين فى علم الاثار والذين كان منهم الاستاذ الدكتور عماد الصوينع والذى لم يبخل فالرد على الاسئلة فى ضوء ضرورة نشر العلم ومعرفة الجميع للحقائق حتى لايتعرضون للتشويش واستقاء المعلومات من مصادر غير رسمية تعمد الى تشوية الحقائق واثارة الفتن وبلبلة الرأى وهى مسألة لابد ان نشكر عليها كل استاذة التعليم العالى والعلماء فى مجال البحث العلمى الذين يقودهم الاستاذ الدكتور ايمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى فى هذة المرحلة الفارقة من تاريخ مصر العظمى والذى يجتهد بكل قوة لادماج البحث العلمى فى كل مايدعم الوطن ويرفع من شأنة ويجعلنا نشيد بهذة المنظومة البحثية بشكل مباشر ونخص فيها ا.د عماد الصوينع الاستاذ بكلية اثار جامعة سوهاج والذى اجاب على الاسئلة المتكررة بشأن معرفة المصريين القدماء بعلوم الطيران ..
يقول ا.د عماد الصوينع من اكثر الأسئلة التي أتعرض لها في محاضراتي بكلية الآثار وفي الندوات العلمية خارج الجامعة – هل المصريون القدماء صعدوا إلي القمر ؟ هل عرفوا الطيران ؟ هل كانت لديهم طائرات ؟؟
والحق أن الإعتقاد في أن المصريين القدماء كانت لديهم طائرات يرجع إلي اثرين هامين أولهما : نقش موجود علي سقف الصالة الأولي بمعبد الملك “ستي الأول” بابيدوس بمحافظة سوهاج ، ويصور هذا النقش طائرة مروحية من النوع الذي نطلق عليه “هليكوبتر” ، أما الأثر الثاني فهو نموذج من الخشب لطائرة شراعية عثر عليه في منطقة سقارة الأثرية ، فما هي حقيقة الأمر ؟؟
حقيقة الأمر أن المصريين القدماء لم يعرفوا الطائرة ولم يكن لديهم أية وسائل يحلقون بها في السماء غير خيالهم، وذلك لأن الفكرة نفسها – فكرة الصعود إلى السماء – والتحليق بها كانت تدور في مخيالتهم وسجلوها في اقدم نصوصهم الدينية إذ كانوا يعتقدون أن أرواح الموتى تصعد الي السماء لتعيش في عالم سماوي طاهر يتحولون فيه إلي “آخو” التي تعني “كائنات نورانية”
أما بخصوص النقش الذي يصور طائرة مروحية علي سقف الصالة الأولي بمعبد الملك “ستي الأول” بأبيدوس فهو في حقيقة الأمر لا يصور طائرة من قريب أو من بعيد ولكن النقوش البارزة التي تركها الملك “ستي الأول” علي جدران هذه الصالة وعلي سقفها جاء من بعده ابنه الملك رمسيس الثاني وطمسها بطبقة من الملاط نقش عليها نقوش غائرة وبمرور الزمن سقطت طبقة الملاط التي تحمل النقوش الغائرة وكشفت عن النقوش البارزة التي تحتها وادي التداخل والتشابك بين النقوش البارزة والنقوش الغائرة إلي ظهور اشكال تبدو للناظر أنها تصور طائرات ودبابات وغواصات
وأما بخصوص النموذج الخشبي الذي يجسد طائرة شراعية فتلك هي قصته :
أسفرت الحفائر التي أجريت في عام 1898م في منطقة سقارة الأثرية وبالتحديد حول هرم الملك “جسر” علي العديد من النماذج الخشبية الصغيرة التي صنفت على انها نماذج تمثل الطيور ، وكان من بين هذه النماذج نموذجا يختلف عنها جميعا ، فهو يشبه إلي حد كبير شكل الطائرة إذ أنه مستقيم دون إنحناء وله شكل إنسيابي وليس له ارجل كبقية النماذج التي تمثل الطيور .
وقد تم عرض هذا النموذج بالمتحف المصري بالقاهرة وسجل بأرشيف المتحف على انه نموذج خشبي لطائر يقدر عمره بحوالي 200 عام ق.م، وقد ظل المتحف المصري يعرض هذا النموذج في غرفة رقم 22 بالطابق الثاني ضمن مجموعات الطيور باعتباره نموذجا لطائر لمدة تقرب من السبعين عاما
وفي عام 1969 وقعت عينا الدكتور “خليل مسيحة” علي هذا النموذج ، وكان “خليل مسيحة” طبيبا مصري غير أنه كان دارسا ومحبا للآثار المصرية ودفعه إعجابه بهذا النموذج إلي قيامه بدراسات تحليلية مستفيضة عنه مستعينا بخبرته في هواية صناعة نماذج الطائرات
واعلن دكتور خليل مسيحة في يناير من عام 1972 في مؤتمر صحفي عقد بالمتحف المصري عن هذا الكشف وأكد ان هذا النموذج يمثل نموذج لطائرة شراعية قادرة على الطيران ، وعزز الإعتقاد في هذه الخرافة بما وجدوه من كتابات هيروغليفية محفورة علي جسد هذا النموذج ترجمتها “هدية أو عطية أمون” وكان “امون” في العقيدة المصرية إلها للهواء والفضاء ، فضلا عن كونه إلها للخفاء والإختفاء .
والحق أن الإعتقاد في أن المصريين القدماء عرفوا الطائرة والطيران ليس أكثر من خرافة مثلها مثل الكثير من الخرافات التي يلحقها الكثيرون بالمصريين القدماء ومثلها مثل الطائرات والدبابات والغواصات الموجودة علي سقف معبد الملك “ستي الأول” بابيدوس بمحافظة سوهاج .