وسوسة الشيطان أثناء ذكر الله علامة قبول

كتب / اسامة عبدالخالق

 من أعظم البلايا التي يشتكي منها السالكون، ويستغربها المبتدئون، أن تكثر وسوسة

الشيطان وتشتد هجمته عليهم وقت الذكر، بدل أن يفر ويخنس! فكيف يُعقل أن يُوسوس

إبليس حين تلهج الألسن بذكر الله؟!

لكن هذا من أدق أسرار الطريق، كشف عنه العارفون، وفصّلوه على بساط الحكمة والذوق، وإليك البيان:

 أولًا: لماذا يُوسوس الشيطان في وقت الذكر؟

1. الذكر نورٌ يحرقه، والشيطان لا يقف مكتوفًا وهو يُطرد من القلب؛ فينقضّ على العبد

ليقطعه عن الذكر كما ينقض العدو على آخر حصن بقي لعدوه.

2. الشيطان لا يوسوس للغافلين، فهم في غفلته قد كفوه المؤونة! وإنما يوسوس لأهل

القرب، لأنهم في طريق الخلاص منه.

3. كلما اقتربت من باب الحضرة، اشتد صراخ إبليس فيك؛ لأنه يراك تفر من أسره وتخرج من تحت سيطرته.

4. قال بعضهم:

 “إذا اشتدّت عليك الوساوس وقت الذكر فاعلم أنك تضربه بسيف لا يرحم، ولهذا يُكثر

التشويش عليك حتى تسقط السيف من يدك.”

 ثانيًا: كيف تتعامل مع الوسوسة وقت الذكر؟

1. لا تلتفت إليها

أعظم خطأ أن تحارب الوسوسة بالعقل والمنطق، فتدخل في حوار باطني معها!

قال الجنيد:

 “العارف إذا وسوس له الشيطان أثناء الذكر، مرّ عليه مرور الكريم على اللئيم.”

2. ذكّر نفسك أن الوساوس ليست منك

الفرق كبير بين خطرات النفس ووسوسة الشيطان، فإن كانت من الشيطان فلا تؤاخذ بها،

وهي مجرد دخان خارجي ما دمت لا تقبله.

قال يحيى بن معاذ:

 “وساوس العدو لا تضر، ما لم تجد في القلب قبولًا.”

3. اجعل الوسوسة دافعًا لا مانعًا

إذا وسوس لك في الذكر، فزد ذكرًا، ولا تنقطع، فإن القطع هو هدفه الأكبر.

قال أحد العارفين:

 “الشيطان كالكلب، إن علم أنك تخافه زاد في نباحه، وإن تجاهلته رجع ذليلًا.”

4. الذكر القلبي هو الحصن

ذكر اللسان قد لا يمنع الوساوس، لكن الذكر القلبي – حين يتصل بالروح – يصمّ الشيطان ويخنقه.

فاشتغل بتطهير القلب حتى يصبح مجلى للأنوار، فإن النور إذا سطع، تلاشى دخان الوسوسة.

 ثالثًا: من أسرار العارفين في دفع الوسوسة

1. الاستعاذة مع الحضور

– ليست مجرد: “أعوذ بالله”، بل استشعار أنك تستند إلى حماية الملك الجبّار.

2. السكينة والتسليم لله

– لا تحاول الانتصار بنفسك، بل قل: “اللهم تولّني في ذكرك، فأنا لا أقدر وحدي”، فهذا أدب المحبين.

3. ذِكر “لا حول ولا قوة إلا بالله” – مجرّبة عند العارفين وقت شدة الوسوسة، فهي سيف الفقراء والمحبين.

4. الاجتماع بالذاكرين

– قال أبو الحسن الشاذلي:

 “إذا هاج عليك الشيطان في خلوتك، فالتحق بركب المحبين، ففي صحبتهم تنقطع الوساوس، ويتنزل السكون.”

 وأخيرًا: خلاصة الطريق

 الوسوسة عند الذكر علامة قبول لا طرد، ودليل أنك بدأت تؤذي الشيطان، فصبّر نفسك، واذكر ربك، ولا تلتفت.

شارك مع اصدقائك

عن اسامه عبد الخالق

شاهد أيضاً

مظاهر التكريم الرباني لبني آدم

500 198 بقلم محمد الدكروري الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، …