أزمة الأمة اليوم

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين عظيم العطاء، وصاحب الكرم والجود والسخاء، يصطفي بالفضائل من عباده من يشاء، المعطي لمن اختصه بقضاء حوائج العباد عظيم الجزاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الموصوف بنبي الرحمة، والمؤنس للفقراء والضعفاء، فاللهم صلي عليه صلاة ذاكية نامية ما دامت الأرض والسماء، الذي كان عدله صلى الله عليه وسلم وإقامته شرع الله تعالى ولو على أقرب الأقربين، فكان صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة كما كانت السيدة عائشة رضي الله عنها غيورة، فعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

فجاءت السيدة عائشة رضي الله عنها ومعها فهر ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول ” كلوا، غارت أُمكم مرتين” ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة السيدة عائشة رضي الله عنها فبعث بها إلى السيدة أُم سلمة وأعطى صحفة أُم سلمة عائشة” رواه النسائي، وكما قال عليه الصلاة والسلام في قصة المرأة المخزومية التي سرقت ” والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد‏‏ لقطعت يدها‏” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين” أما بعد فإن أزمتنا اليوم هى أزمة أخلاق، وممارستها على أرض الواقع وتعبد الله تعالى بها، فالكثير يصلون ويصومون ويقرؤون القرآن الكريم ويدّعون الإسلام ويملؤون المساجد ثم يخرجون للتقاتل والتنازع والتحاسد فيما بينهم.

ويقوم الكثير بالشعائر دون خشوع وتدبر، ودون استشعار لعظمة الله تعالى، فتسوء أخلاقهم وسلوكياتهم في البيت والسوق وفي الوظيفة ومع الجيران، وفى كل مكان، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة” رواه الترمذي، وإن النسيج الاجتماعي المتراص الفريد يحتاج إلى وقفة إصلاحية، متونها صقل الأذواق وسجحها والسمو بها في معارج الوعي الراشد والاستبصار الرائد، لتنعم حواسنا بذوق رفيع، وبيئة نقية نظيفة، تبتهج النفوس بأزهارها، والأبصار باخضرارها، والاستظلال بوارف ظلالها، واستنشاق الهواء النقي في أرجائها، وتثير الأشواق والإعجاب وتزيح الونى والأوصاب.

وتخلع على النفوس رونق البهاء، وعلى القيم الأسيلة روعة الطهر والثناء، بل تبعث على تمجيد الخالق الوهاب، ولن يستقيم حال الناس في مآلهم ومعادهم، ما لم يلتزموا بشريعة الإسلام جملة وتفصيلا، فالتعاليم الإسلامية تؤخذ بالجملة والتفصيل، ولا تقبل التجزيء كوصفة الطبيب، فلا يعقل ولا يصح أن نأخذ بعض الدواء وندع الآخر، فالعلاج لا يتم ولا يتحقق إلا بالالتزام الحرفي بالوصفة الطبية، فلا قيمة لعلم بلا خُلق، ولا فائدة من علم لا يؤطره منهج وقيم جميلة، فالعلم هو وسيلة لغاية نبيلة، أما إذا تحول العلم إلى فساد ودمار وخراب، فذلك يدل دلالة قاطعة على أن العلم لم يهتد بالخُلق الفاضل، والتوجه القويم، فالعلم بلا خُلق دمار وخراب، فليس كل علم نافعا، فمنه النافع والضار.

ومنه من غلب نفعه أو ضرره، فما أحوجنا اليوم دون غيره إلى أخلاق الإسلام، فما أحوجنا اليوم دون غيره إلى أخلاق الإسلام، فنمارسها سلوكا في الحياة في زمن طغت فيه المادة وضعفت فيه القيم وفهمت على غير مقصدها وغاياتها، وتنافس الكثير من أبناء هذه الأمة على الدنيا، ودب الصراع بينهم من أجل نعمة زائلة أو لذة عابرة أو هوى متبع، فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام، ونحن نرى التقاطع والتدابر والتحاسد على أبسط الأمور وأتفه الأسباب، فما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام ونحن نرى جرأة كثير من الناس على الدماء والأموال والأعراض دون وجه.

شارك مع اصدقائك

عن رشا يوسف

شاهد أيضاً

نظرية التعلم السريع

عدد المشاهدات 5371 142 بقلم محمد الدكروري الحمد لله الذي خلق الخلق بقدرته، ومنّ على …