بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلاله وركب بلطف حكمته مفاصله وأوصاله
ورباه في مهاد لطفه ثلاثين شهرا حمله وفصاله وزينه بالعقل والحلم
وأزال عنه ظلماء الجهاله، فسبحان من إختارهم لنفسه ونعمهم بأنسه وأجزل لهم نواله،
ويسّر له مولاه سبيل السعادة وحقق آماله وأجزل نصيبه من التوفيق وقبل أعماله،
وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير أما بعد روي عن أسامة بن شريك
قال قالت الأعراب يا رسول الله، ألا نتداوى؟ قال ” نعم يا عباد الله،
تداووا فإن الله لم يضع داء، إلا وضع له شفاء ” أو قال دواء،
إلا داء واحدا” قالوا يا رسول الله، وما هو؟ قال الهرم ” رواه الترمذي،
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا يرحمكم الله أن الله خلق الخلق وأسكنهم الأرض ليعمروها بعبادته وطاعته،
وجعل ما على الأرض زينة لها ليبلوهم أيهم أحسن عملا.
فالدنيا بكل ما فيها هي ميدان عمل ومدرجة للدار للآخرة، واعلموا يرحمكم الله أن الإسلام دين الإيمان والقيم الإنسانية الرفيعة، وفي مقدمتها المحافظة على البيئة، وعدم تلويث محيطها الحسي والمعنوي بأي آثار ضارة، والمحافظة على البيئة جزء من إيمان الفرد المسلم، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم ” الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” متفق عليه، بل جعل ذلك من أبواب الصدقات، قال صلى الله عليه وسلم ” تميط الأذي عن الطريق صدقة ” رواه مسلم، والقاعد الشرعية تقول ” لا ضرر ولا ضرار” وفي جانب العبادات حث الإسلام على النظافة والنزاهة من الأقذار الحسية والمعنوية، فمفتاح الصلاة الطّهور، والطهارة من شروط الصلاة.
ولا تتم إلا بوجود ماء طهور لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته، فإن يجد فالصعيد الطيب طهوره، والغسل والإستحمام لا يتم إلا عند توفر ماء طهور نقي من التلوث وكدر الأوساخ، والبقعة التي يصلي عليها المسلم لابد أن تكون نظيفة، فإذا تلوثت الأرض فإن الصلاة لا تصح عليها، جيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلي ” متفق عليه، والمساجد بيوت الله، ودور العبادة والعلم، واجب صيانتها وتطهيرها معنى وحسا، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف، وتطيّب” رواه أبو داود، وزجر عليه الصلاة والسلام عن إرتياد المساجد بما فيه رائحة تؤذي فقال ” من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته” متفق عليه.
وقال ” البصاق في المسجد خطيئة، وكفّارتها دفنها” متفق عليه، ولمكافحة التلوث البيئي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يبولن أحدكم في المال الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه ” وفي رواية ” لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جُنب ” متفق عليه، وهذا يدل على كمال الشريعة الإسلامية وسمّوها، من حيث النظافة والنزاهة، وبعدهاعن القذارة والوساخة، وتحذيرها عما يضر الناس في أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم، ومن محاسن الشريعة النهي عن البول في طرق الناس أو ظلهم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اتقوا اللعانين ” قالوا وما اللعانان يا رسول الله؟ قال ” الذي تخليي في طريق الناس، أو في ظلهم” رواه مسلم ويقاس عليه كل ما يحتاج إليه الناس من النوادي والأفنية، والحدائق والميادين العامة، مما يرتاده الناس، ويجتمعون فيه، ويرت
فقون به.
صدى – مصر من مصر لكل العالم