عدد المشاهدات 5371 41
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله إقرارا بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، اختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومن على العاصي بقبول توبته، ومد للمسلم عملا صالحا بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع بريته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد لقد كان من عادة أزواجه صلى الله عليه وسلم أن يجتمعن كل ليلة عند التي يكون مبيت النبي صلى الله عليه وسلم عندها، فإذا جاء وقت النوم انصرفت كل واحدة إلى حجرتها، وقد تحصل المشادات بينهن في هذا المجالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاضر، فلا يتجاوز الأمر ذلك المجلس، ويروي أنس بن مالك رضي الله عنه أحد تلك المواقف بقوله.
” كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة، فجاءت زينب، فمد يده إليها، فقالت هذه زينب، فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده فتقاولتا حتى استخبتا، وأقيمت الصلاة، فمر أبو بكر على ذلك فسمع أصواتهما فقال اخرج يا رسول الله إلى الصلاة واحث في أفواههن التراب، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت السيدة عائشة الآن يقضي النبي صلى الله عليه وسلم صلاته فيجيء أبو بكر فيفعل بي ويفعل، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أتاها أبو بكر فقال لها قولا شديدا، وقال أتصنعين هذا، فيظهر هذا الموقف سعة صدره صلى الله عليه وسلم في تعامله مع زوجاته في حال رضاهن.
وكذلك في حال غضبهن، وفي حادثة أخرى من حوادث المشكلات الأسرية التي اشترك فيها معظم أزواجه صلى الله عليه وسلم ما ترويه السيدة عائشة، رضي الله عنها، فتقول أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا ساكتة، قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟ فقالت بلى، قال فأحبي هذه، قالت فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة والله لا أكلمه فيها أبدا قالت عائشة فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أري امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسـرع منها الفيئة، قالت فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها على الحالة، التي دخلت فاطمة عليها وهو بها.
فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت ثم وقعت بي فاستطالت علي وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها؟ قالت فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر، قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم إنها ابنة أبي بكر، وفي الحديث فوائد عدة من تعامله صلى الله عليه وسلم مع هذه المشكلة بين أزواجه وغيرتهن من السيدة عائشة، رضي الله عنها، ومن ذلك أنه تعامل بحكمة مع طلب أزواجه، ولم يغضب، أو يهدد، فلم يزد على قوله أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟
فقالت بلى، قال فأحبي هذه، وعندما اتهمته أزواجه بعدم العدل تلقى ذلك بهدوء ورحابة صدر، لعلمه صلى الله عليه وسلم أن مبعث ذلك التصرف منهن هو مجرد الغيرة بينهن، وليس القصد هو اتهامه بالظلم، ولما جاءت زينب بنت جحش، رضي الله عنها، لم يتحدث، ولكن لما استطالت على السيدة عائشة رضي الله عنها، أذن لعائشة أن تدافع عن نفسها، ولم يتول الأمر، حتى لا يزيد الأمر اشتعالا، ومن ثم يتهم صلى الله عليه وسلم بالميل لإحداهن.