خطوات تنمية العقل والفكر

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول،

ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك،

وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله،

شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه،

وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة،

صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر،

وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى،

وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، اعلموا يرحمكم الله أن من خطوات تنمية العقل والفكر هو إستعمال العقل، والحواس في النظر والتدبر والتفكر، في الكتاب المنظور.

 

والكتاب المسطور، وإستشارة أصحاب المواهب، والعقول، فالشورى شرعا هي إستنباط المرء الرأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات الأمور، ويكون ذلك في الأمور الجزئية الّتي يتردد المرء فيها بين الفعل والترك، وانظروا إلى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وهو يقول “لأن يكون لي مجلس من عبيد الله، أي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو أحد الفقهاء السبعة، أحب إلي من الدنيا” وهذا لرجاحة عقله، وعلو فكره، ولذا قال أيضا ” والله إني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال” فقالوا يا أمير المؤمنين، تقول هذا مع تحرّيك وشدة تحفظك؟ فقال أين يذهب بكم؟ والله، إني لأعود برأيه وبنصيحته وبهدايته على بيت مال المسلمين بألوف وألوف، إن في المحادثة تلقيحا للعقل، وترويحا للقلب، وتسريحا للهمّ، وتنقيحا للأدب ” فالشورى هي إضافة عقل إلى عقل.

 

وفكر إلى فكر، فبها نصل لأفضل الآراء، فهي عقل جمعي، للوصول إلى الحل والرأي الأمثل، وأيضا من خطوات تنمية العقل والفكر هو تعلم العلوم الكونية المدنية التي تقوم على التجربة والملاحظة، فالقرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة يحملان الكثير والكثير من الإشارات العلمية التي تلفت الأنظار إلى تلك العلوم، وأيضا من خطوات تنمية العقل والفكر هو ضرب الأمثال، وصدق الله إذ يقول ” وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ” وكما قال تعالي ” وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ” وكثيرا ما استخدم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليعلم أصحابه، ويلفت عقولهم، وينمي أفكارهم، وكما أن من خطوات تنمية العقل والفكر هو طرح الأسئلة، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن النخلة ” شجرة لا تسقط ورقها ” وكما ينبعي علينا أن نحذر من الجمود الفكري.

 

وبيان شيء من خطورته، وآثاره السيئة، فالجمود الفكري يعني عدم سيلان العقل، بعدم البحث، وعدم التعمق في فهم الأشياء من حوله، وعدم الوعي بالملابسات المحيطة بها، وهذا المنهج مردود، ومرفوض منذ عهد النبوة، فهذا عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه يقول لما نزلت هذه الآية ” وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ” عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك فقال ” إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار ” متفق عليه، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انصر أخاك ظالما أو مظلوما ” فقال رجل يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال ” تحجزة أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصرة ” رواه البخاري.

 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من حوسب يوم القيامة عذب ” فقلت أليس قد قال الله تعالي ” فسوف يحاسب حسابا يسيرا ” فقال ليس ذاك الحساب إنما ذاك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب ” رواه مسلم، وإن الجمود الفكري، وعدم إعمال العقل تدبرا وتفهما، وإستيضاحا لأغراض الأشياء ومراميها، وإستنباطا وتكيفيا للحوادث والمستجدات، له أخطار متعددة منها الجمود الفكري ينافي حتمية التجديد، الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ” إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ” رواه

أبو داود.

شارك مع اصدقائك

عن دكتوره مرفت عبد القادر

شاهد أيضاً

الفوائد اللغوية من قصة ذي القرنين

500 116 بقلم محمد الدكروري الحمد لله كما يحب ربنا ويرضى على آلائه ونعمه التي …