كفى بالمرء خسة أن يكون كذابا
.فرحه الباروكي
11 أكتوبر، 2025
الدين والدنيا
عدد المشاهدات 5371 192
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والأرض جعل المرض رحمة للطائعين يرفع به درجات المؤمنين في جنات النعيم وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه العزيز ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد اتقوا الله عباد الله واسمعوا وأطيعوا واشكروه على نعمته وعافيته، فقد أسبغ عليكم النعم، ودفع عنكم النقم، وأسدى إليكم المنن، فاقدروا الله حق قدره، وثمنوا النعم، واشكروا منعمها، واتقوا الله ما إستطعتم وإستمسكوا بشرعه وملته، وإلتزموا طاعته ومرضاته، واعلموا أن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبده خيرا.
وفقه للصلاح والعمل الصالح والخلق الكري، فكان أحسن المخلوقين، وإذا أراد بعبده سوءا أوكله إلى نفسه بما كسبت يداه، فظهر فاسدا مفسدا، ذا خلق سيء، وطبع فاسد، ومما حذر الله سبحانه وتعالى منه عباده ورسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم هو خلق الكذب، وكفى بالمرء خسة أن يكون كذابا يشار إليه من بعيد، وإذا ذكر الكذب تذكروا المتصف به، فيا عباد الله لقد حث الإسلام على كل الأخلاق النبيلة، وحذر من كل خلق ذميم، وإن الكذب من أقبح الأخلاق وأسوئها، وقد كانت العرب تمقته في جاهليتها، وجاء الإسلام فأقر ذم الكذب ونفر عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الكذب ليهدي إلى الفجور وإن الفجور ليهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا” متفق عليه، وعد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بعض خصال المنافق.
فذكر منها أنه “إذا حدث كذب” كما في الصحيحين، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه ورؤيا الأنبياء وحي وحق رجلا ملقى على قفاه، ورجل قائمٌ عليه بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه أي يقطع شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى وحين سأل عنه قيل له هو الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق” رواه البخاري، ولقد حرص الإسلام على أتباعه ليتحلوا بالأخلاق الكريمة، ويحذروا من الأخلاق السيئة التي تؤدي بمروءة المرء وشيمته ودينه، وتسقط آدميته وإنسانيته، فيا أيها المسلمون اعلموا أن الكذب مذكور في كتاب الله تعالي في مائتين وثمانين آية.
وجاءت هذه الآيات ذامة للكذب، ومبينة عاقبة الكاذبين، ومعلمة سخط الله تعالي وبغضه لهذا الخلق وأهله، فهو مذموم محرم على المسلم قولا وفعلا ضاحكا به أو جادا ومخادعا أو محتالا، ويكون إختراعا لقصة لا أصل لها أو زيادة في القصة أو نقصانا يغيران المعنى أو تحريفا أو إخبارا عما لا وجود في الواقع بقصد التحايل، وإجتلاب النفع، وإستدفاع الضر وحب الظهور والبروز، ونيل المراتب المزيفة من رتب هذه الدنيا من الثناء والمدح والوصف بالمعرفة والثقافة، أو التشفي من إنسان بوصفه بأقبح الأوصاف، أو حب الترأس أو لسوء الطوية، وقلة الأدب حتى ترادف عليه فألفه فصار عادة له ومنهجا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وأجارني وإياكم من خزيه وعذابه الأليم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.