الرسول والسائل

مرض عضال يجلب الويلات

بقلم  محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد لا تفرح أيها الإنسان بقبيلتك ولا بقريتك ولا بقربك من فلان أو علان من الناس لأنه صاحب دين وإستقامة، فكل منكما سوف يحاسب عن نفسه ولن يغني عنك من الله شيئا، ولا تفخر بحسبك ولا نسبك، فالميزان عند الله التقوى، فيقول الله تعالى لعباده إنا خلقناكم من أب واحد هو آدم، وأم واحدة هي حواء، فلا تفاضل بينكم في النسب وجعلناكم بالتناسل شعوبا وقبائل متعددة ليعرف بعضكم بعضا إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاء له، إن الله عليم بالمتقين، اي خبير بهم، فالتفاضل بالعمل الصالح وحسن الخلق، والتقوى والإخلاص لله تعالى والصدق معه سبحانه، أما القبيلة فليس لها محل في ميزان التفاضل الرباني.

أما عند الناس اليوم فربما نعم وذلك لجهلهم بدين الله عز وجل، وهل نفع أبو طالب وأبو لهب قربهما ومكانتهما من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وكان كل واحد منهما عمه، بل انظر إلى بلال الحبشي وسلمان الفارسي وغيرهما رضي الله عنهما كيف أن إسلامهما أدخلهما الجنة، لم يضرهما أنهما لم يكونا من قريش أو غيرها من القبائل، فاحذر يا عبد الله أن تأخذك العزة بالإثم فتفخر على الناس بقبيلتك وعملك سيء وسيرتك أسوأ من عملك، بل المهم هو العمل الصالح، انتبه من العصبية القبلية فقد جاء ذمها في الكثير والكثير، ونقول بأن مسألة ضياع الأمانة ليست مسألة هيّنة، بل هي مؤشر خطير إلى مرض عضال يجلب الويلات، ويورث العداوات، ويثير الإحن، بل هو مؤذن بهلاك الديار، وسخط الجبار، وحتى نفهم وجه الخطورة.

علينا أن نتأمل في سياق قول النبي صلى الله عليه وسلم “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” رواه أحمد، فالحديث بيان للصلة الوثيقة بين الأمانة والإيمان والدين، وأن تضييعها هو ثلمة في دين المرء منقصة لكماله، وليس المقصود أن صاحبها يغدو بتضييعها خارجا عن الدين، إنما المراد نفي الكمال، لا نفي حقيقة الإيمان، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “حسن العهد من الإيمان” رواه الحاكم، وهذا الحديث كسابقه يبيّن دخول حسن العهد ومراعاة الأمانة في الدين، ومن استكمل الدين استوفى الجزاء من الله ويقول تعالي في التوبة “ومن أوفى بعهده من الله” ولأن السفر تعتريه المشقة والخوف وهو مظنة التقصير في أمور الدين والإهمال في أداء التكاليف، كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمسافر أن يحفظ له أمانته.

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا ودّع رجلا أخذ بيده، ثم قال “أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك” رواه أحمد، وفي الوقت الذي جاء في الأمر بالأمانة في قوله تعالى في سورة النساء” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ” فنهى الله سبحانه وتعالى كذلك عن الخيانة فقال كما جاء في سورة الأنفال ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” وجاءت السنّة مبينة خطورة الخيانة، وقد صح في الحديث الذي رواه أحمد “ويل للأمناء أي المضيعين لها يوم القيامة، ألا فلنتق الله جميعا ولنبادر بالتوبة، وليقدم كل منا ما بوسعه أمام هذا الخطر العظيم الذي يهدد بيوتنا وأسرنا، نسأل الله السلامة والعافية.

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

الحياة غايات ومقاصد ومهام ووظائف

عدد المشاهدات 5371 126 يقلم محمد الدكروري الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله …