مسالك أهل النفاق والشقاق

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد الله رب العالمين معز الموحدين ومذل المشركين ناصر دينه نهى عن عبادة الأوثان وأمر بتوحيده ووعد من حققه أجزل الثواب وأتم الرضوان وتوعد بمن أشرك به بالهوان وأشد العذاب وأعظم العقاب أرسل رسوله بالهدى وتهديم الأصنام والأوثان وتحقيق التوحيد فلم يدع باب للشرك إلا سده ولا طريق إلى النار إلا بينه وحذر منه طاعة لربه وإمتثالا لأمره فنصح الأمة وبلغ الرسالة وأدا الأمانة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار ” رواه أبو داود، أيقبل من أخوة وأسرة التنافر والتباغض ؟ أيقبل منهم الكراهية والشحناء، إنها أمورا منكرة، وعادات سيئة، فالدين لا يأمر بذلك، والعاقل لا يرضى بذلك.

وضررها على الفرد والمجتمع، إن تلك الأعمال الغوغاء، والأفعال الهوجاء وكثرة القيل والقال وإفساد ذات البين بين المسلمين والفرح بإيقاع العداوة بينهم، ليست من الدين في شيء، وليست من العقل في شيء، بل هي أقرب إلى عادات الجاهلية، وأقرب إلى مسالك أهل النفاق والشقاق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يحل لمسلم أن يصارم مسلما فوق ثلاث، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما، أي تقاطعهما وإن أولهما فيئا يكون كفارته عند سبقه بالفيء، وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعا أبدا، وإن سلم عليه فأبى أن يقبل تسليمه وسلامه، رد عليه الملك، ورد على الآخر الشيطان ” فيا عباد الله إحذروا كل الحذر من الفرقة والتباغض وابتعدوا عن التنافر وكثرة الشكاوى وإزعاج السلطات بأمور دنيوية تافهة، أو لرأي إنسان يريد الإفساد لا الإصلاح.

من كانت له على أخيه ملاحظة، أو رأى منه زلة وهفوة، أو لمس من خطأ وجفوة، فلا يعني ذلك أن يحمل عليه في صدره كرها وبغضا، وليس معنى ذلك أن يتقدم ضده بخصومة أو شكوى وليس معنى ذلك أن يؤلب الناس عليه، أو يثير الفوضى، فيكثر الهلكى بسبب أمر كان من الممكن أن يتدارك بالنصيحة الأخوية، وبالمشورة والروية، وبالتسامح والعفو والإحسان، وغض الطرف عن المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها، دون اللجوء إلى حقوق جاهلية، أو أكل للأموال بالباطل، حتى يتدارك الخطأ، وتمنع الزلات وتقال العثرات، فيا أيها الأخوة في الله في معترك هذه الحياة وفي هذا الخضم ومن بين أمواج هذا البحر المتلاطم، يجب التذكير بالحديث عن إصلاح ذات البين بما يذهب وغر الصدور ويجمع الشمل ويضم الجماعة ويزيل الفرقة، المصلحون والساعون في الإصلاح.

رجال نبلاء شرفت نفوسهم وصفت قلوبهم وصحت عزائمهم وأشرقت ضمائرهم، حريصون على حفظ الأسرار، متنزهون ومبتعدون عن الرغبة في غلبة طرف على آخر، راغبون في خير الجميع، إنهم ذووا مروءات فضلاء، فالله أكبر يا عباد الله يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين اثنين صدقة ” رواه مسلم، وقال تعالى ” لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ” وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ” قالوا بلى يا رسول الله قال ” إصلاح ذات البين، فإن إفساد ذات البين هي الحالقة ” وفي بعض الروايات قال ” هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ” رواه الترمذي.

شارك مع اصدقائك

عن محمد البحيري

شاهد أيضاً

من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبى

عدد المشاهدات 5371 107 بقلم محمـــد الدكـــروريالحمد لله رب العالمين جعل الرفعة لعباده المتواضعين، والذل …