أشكال التلوث البيئي في المنظور الإسلامي
محمد البحيري
9 ديسمبر، 2025
مقالات
500 90
الحمد لله خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، أحمده سبحانه على كل فضل وأشكره على كل نعمة، وأتوب إليه وأستغفره إعلانا وسرا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أحاط بكل شيء خبرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أعلى الناس منزلة وقدرا،
وأوصلهم رحما وبرا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد ذكرت المصادر التربوية والتعليمية الكثير عن البيئة وكيفية حمايتها من الأضرار، وعن كيفية إستخدام الإجراءات والتصرفات التي تحد من التلوث البيئي، إن العناية بالبيئة والمحافظة عليها وحمايتها من كل أشكال التلوث يعد في المنظور الإسلامي فرضا دينيا لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وإذا كانت أصول الدين تتوزع بين عبادات ومعاملات، فإن تحقيق هذه الأصول.
لا يمكن أن يتم بمعزل عن البيئة بكل عناصرها، وإن حماية البيئة ليست من الأمور السهلة حتى مع وجود القصد والمال لأن مكافحة التلوث تحتاج إلى دراسات وأبحاث وجهود، وتنسيق بين مختلف أجهزة الدولة لذلك فمن الضروري في كل دولة إيجاد هيئة أو جهة عليا متخصصة في موضوع حماية البيئة ومكافحة تلوثها، تقوم بمراقبة التلوث في كل عناصر البيئة، وقياس معدلاتهن وتقصي أسبابه، والبحث عن أفضل السبل لعلاجه، وتظل هذه الهيئة على إتصال دائم بمختلف الجهات المعنية بأمر البيئة، للتنسيق بينها، كما تتولى هذه الجهة إقتراح السياسة العامة لحماية البيئة، ووضع مشروعات التشريعات المتصلة بها، وأيضا إقامة مراكز مراقبة التلوث، وتزود هذه المراكز بالأخصائيين، والأجهزة الفنية اللازمة ويجب أن تقام مراكز قياس التلوث في أماكن مختلفة في البر والبحر.
وأن يزداد عددها حيث يتوقع إرتفاع معدلات التلوث، وكما يجب تحديد معدلات التلوث المناسبة، التي يمكن على هديها التأكد من وجوده، وتحديد مدى خطورته، تمهيدا للتصدي له وإزالة آثاره وذلك لأنه لم يعد هناك عنصر واحد من عناصر البيئة يخلو من التلوث بكل صوره، فلا مفر من التغاضي عن نسبة ضئيلة والتسامح فيها، ما دامت في الحدود المحتملة، التي لا تشكل خطرا على الصحة العامة أو على البيئة بصفة عامة، لذلك تلجأ الدول والمنظمات الدولية المعنية إلى تحديد معدلات التلوث المعتمدة بالنسبة لعناصر البيئة المختلفة، وتعد المصانع هي أول وأكبر عامل من عوامل التلوث في العصر الحديث، ولتفادي ذلك أو التقليل منه، لا بد من القيام بالدراسة الشاملة للآثار كافة التي يمكن أن تترتب على كل مشروع صناعي يراد القيام به، والبحث عن الحلول العلمية.
الكفيلة بمعالجة الآثار السلبية له، وحبذا لو نص المشرع صراحة على تعليق منح الترخيص للمشروع قبل تقديم دراسة شاملة لآثاره، ويمكن تضمين تكلفة محاربة التلوث في التكاليف الإنشائية للمشروعات ويمكن ذلك من باب التأكيد والسماح بتشغيل المصنع لفترة تجريبية وجيزة لمراقبة آثار التشغيل وقياسه، وكما يجب على إدارة المصنع القيام بالتفتيش الدوري وقياس التلوث لإمكان مواجهته في الوقت المناسب، وقد بدأت المصانع الجديدة في الدول المتقدمة تضم كجزء من مكوناتها قسما لمعالجة النفايات الصادرة عنها وغير ذلك ينشغل به المختصون، ولا يقتصر الأمر على المصانع التي لا تزال في دور التأسيس، وإنما يشمل كذلك المصانع القائمة، فتدرس السلطات المختصة ذلك، وتفرض عليها الإجراءات الكفيلة بإزالة أسباب التلوث، أو الحد منها.